هل يعود أصل العرب إلى اليمن حقا؟ اكتشف ما تخفيه كتب الأنساب والتاريخ
أميرة جادو
كثير من أبناء العالم العربي يرددون بثقة عبارة اليمن أصل العرب، لكن ما مدى دقة هذه المقولة؟ وهل يمكن فعلا إثباتها من خلال أبحاث علمية أو مصادر موثوقة؟ وهل كل العرب ينتمون إلى أصل واحد؟ وإن لم يكن اليمن هو الأصل، فأين يعود جذور العرب؟
من هم العرب؟
العرب هو اسم يطلق على مجموعة بشرية، يشترك أفرادها في اللغة والثقافة والانتماء التاريخي، ويستخدم اليوم للإشارة إلى سكان الدول العربية، أو المنحدرين منها حتى وإن كانوا خارجها، وتعتبر اللغة العربية من أبرز السمات المشتركة بينهم، رغم أن اللهجات المحكية قد تختلف عن الفصحى.
في معجم لسان العرب، يعرف العربي بأنه من يسكن شبه الجزيرة العربية ويتحدث العربية، ويمكن أيضا تعريف العرب من خلال علمين مختلفين، هما علم الأنساب الجيني، وعلم الأنساب التقليدي.
العرب في علم الأنساب الجيني
يركز هذا العلم على تتبع الأصول البشرية بناء على الحمض النووي، وقد تبين للباحثين أن هناك بصمة وراثية مميزة تعرف باسم J1، وهي الأكثر شيوعا بين الشعوب العربية، حيث تظهر بنسبة تفوق أربعين في المئة في حمضهم النووي، مما يدل على وحدة جينية ترتبط بمنطقة الجزيرة العربية.
العرب في علم الأنساب التقليدي
يعتمد هذا العلم على تتبع الأنساب من خلال السجلات والروايات التاريخية، ويتناول أنساب القبائل وتفرعاتها وأصولها، ويطلق على من يتقن هذا العلم اسم نسابة، ومن أشهرهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وبحسب هذا العلم، فإن جميع العرب يرجعون إلى سام بن نوح، وتعد الجزيرة العربية الموطن الأول لهم.
من أول من تحدث بالعربية؟
هناك آراء متعددة في هذه المسألة، فقد ورد في كتاب البداية والنهاية لابن كثير أن النبي هود هو أول من تحدث العربية، وفي أقوال أخرى أن والده هو أول من نطق بها، بينما تشير روايات أخرى إلى آدم أو نوح عليهما السلام.
لكن الخلاف يتركز حول العربية القديمة، وليس الفصحى التي نزل بها القرآن، وتجمع معظم المصادر على أن النبي إسماعيل هو أول من نطق بالفصحى، حيث تعلم العربية من قبيلة جرهم التي عاشت في مكة، ثم تكلم بها بفصاحة أكبر، حتى أصبحت لغته الأم.
ما هو أصل العرب من حيث النسب؟
اتفق علماء الأنساب والمؤرخون على تقسيم العرب إلى ثلاث فئات أساسية، ويعد هذا التقسيم موثوقا لتكراره في كتب المتأخرين دون تعديل، وهذه الفئات هي:
العرب البائدة
هي القبائل التي تحدثت العربية القديمة قبل ظهور الفصحى، لكنها اختفت تماما ولم يعد لها نسل موجود، ومن أشهرها عاد وثمود وطسم وجديس وجرهم الأولى وغيرهم.
العرب العاربة
ينتمون إلى قحطان بن عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، ومن أبنائه يعرب الذي قيل إنه أول من نطق بالعربية، وينتسب إليه سبأ الذي أنجب خمسة أبناء تعود إليهم معظم قبائل اليمن، وهم حمير وكهلان وعمرو وأشعر وعاملة، ويُعرف هؤلاء بالقحطانيين.
العرب المستعربة
ينحدرون من النبي إسماعيل بن إبراهيم، وتحديدا من نسله عدنان، ولهذا يُعرفون بالعدنانيين، ويتفق علماء النسب على أن عدنان من ذرية إسماعيل، ويطلق عليهم المستعربة لأنهم اكتسبوا العربية لاحقا.
هل اليمن أصل العرب فعلا؟
لا يمكن إعطاء إجابة واحدة لهذا السؤال دون النظر في نوع العرب المقصود، فالعرب المعاصرون ينقسمون إلى عاربة ومستعربة، والإجابة تختلف حسب كل فئة.
العرب العاربة
تنتمي هذه الفئة إلى اليمن فعلا، فهم القحطانيون الذين كانت العربية لغتهم منذ البداية، وقد عاشوا في اليمن وكان ذلك موطنهم الأصلي.
العرب المستعربة
لا يمكن ربط أصلهم باليمن، إذ يرجعون إلى النبي إسماعيل الذي استقر في مكة، وتعلم العربية من قبيلة جرهم التي جاءت من اليمن، لكنه لم يكن يمنيا من حيث النسب أو الموطن.
ورغم هذا التمايز، فقد أيد بعض الباحثين فكرة أن اليمن أصل العرب بشكل عام، ومنهم الدكتور جواد علي في كتابه المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، حيث اعتبر أن اليمن هو أصل العرب باعتباره موطن القحطانيين، كما تشير بعض المصادر إلى أن قبيلة جرهم، التي تعلم منها إسماعيل العربية، تعود أصولها إلى اليمن، ما يمنح لليمن دورا مهما في نشر العربية بين العرب المستعربة أيضا.



