قلعة معان.. الحصن العثماني الذي صمد في وجه الزمن
أسماء صبحي– محافظة معان في جنوب الأردن، وهي واحدة من أقدم وأهم مناطق المملكة من الناحية التاريخية. إذ تمثل نقطة التقاء حضارات متعددة تركت بصماتها في عمارتها وتراثها. ومن أبرز معالم معان التاريخية التي لا تزال تشهد على عصور مختلفة قلعة معان العثمانية. التي تعد من أهم المعالم المعمارية التي أنشئت خلال الحكم العثماني في المنطقة. وارتبطت بمحطات الحجاج والتجارة والعسكر.
نبذة عن قلعة معان وموقعها
تقع القلعة في قلب مدينة معان الحديثة، وتحديدًا على الطريق القديم الذي كان يسلكه الحجاج القادمون من بلاد الشام باتجاه مكة المكرمة. وبنيت القلعة سنة 1566م بأمر من السلطان العثماني سليمان القانوني. لتكون محطة عسكرية وإدارية وتجارية تخدم قوافل الحجاج، وكذلك لتكون نقطة ارتكاز استراتيجية في الجنوب الأردني.
وقد شيدت القلعة من الحجر البازلتي الأسود، على طراز معماري عثماني مميز. واحتوت على مساكن للجنود، وغرف لخزن المؤن، وآبار ماء، وساحة واسعة داخلية. مما يجعلها نموذجًا للعمارة الدفاعية والإدارية العثمانية.
أهمية القلعة التاريخية
كانت قلعة معان تمثّل محطة رئيسية على طريق الحاج الشامي. وهو الطريق الذي كانت تسلكه قوافل الحجاج من دمشق مرورًا بالأردن وصولاً إلى الحجاز. وكانت القلعة تستخدم كمركز لتأمين الحماية، وتوفير الراحة والاستراحة للحجاج. بالإضافة إلى كونها موقعًا عسكريًا يحمي الطرق التجارية ويضمن الأمن.
وفي هذا السياق، يقول المؤرخ الأردني الدكتور محمد وهيب، أستاذ علم الآثار في الجامعة الهاشمية: “قلعة معان تعد من أهم المحطات العثمانية على طريق الحج الشامي. وكانت ذات وظيفة مزدوجة: دفاعية لحماية القوافل، وإدارية لضبط الأمن في المنطقة. كما إن الحفاظ عليها اليوم هو حفاظ على جزء من تاريخ الأردن والمنطقة الإسلامية بأكملها.”
الهندسة المعمارية للقلعة
تتميز القلعة بتصميم مستطيل الشكل، تبلغ أبعاده حوالي 26 × 24 مترًا، وتتألف من طابقين. الطابق الأرضي يضم غرف التخزين، ومكان حفظ المياه، واسطبلات للخيول. والطابق العلوي يضم غرفًا كانت تستخدم لسكن الجنود، وغرف إدارة ومراقبة، بالإضافة إلى برج للمراقبة.
ويحيط بالقلعة سور دفاعي منخفض كانت تفتح فيه بوابة رئيسية واحدة تغلق ليلاً لحماية الداخلين والخارجين. ولعل أبرز ما يلفت في القلعة هو الأسلوب المعماري العثماني الصارم المبني على الوظيفة العسكرية أكثر من الزخرفة.
قلعة معان والثورة العربية الكبرى
خلال فترة الثورة العربية الكبرى (1916-1918)، لعبت القلعة دورًا مهمًا كمركز عسكري مؤقت. وشهدت المنطقة المحيطة بها مواجهات بين الثوار العرب والقوات العثمانية. وكانت محطة مهمة للقائد الشريف فيصل بن الحسين قبل التحرك شمالًا نحو دمشق.
وفي هذه الفترة، تحولت القلعة إلى نقطة التقاء بين القوميين العرب والثوار من مختلف القبائل. مما منحها بعدًا وطنيًا جديدًا إلى جانب أهميتها الدينية والتجارية.
ورغم مرور أكثر من 450 عامًا على بنائها، لا تزال القلعة صامدة إلى اليوم. وشهدت في السنوات الأخيرة عدة عمليات ترميم وصيانة من قبل وزارة السياحة والآثار الأردنية. بهدف الحفاظ على الطابع التاريخي للقلعة وجعلها مزارًا سياحيًا وتعليميًا.



