حوارات و تقارير

الشيخ حسن خلف.. شيخ المجاهدين الذي قاتل الاحتلال وواجه الإرهاب حتى الرمق الأخير

أسماء صبحي – ولد الشيخ حسن علي خلف، الملقب بـ”شيخ المجاهدين في سيناء”، في محافظة شمال سيناء. وسط بيئة قبلية مناضلة تنتمي إلى عشيرة الخلفات إحدى عشائر قبيلة السواركة المعروفة بجنوب الشيخ زويد. ومنذ صغره، حمل هم الوطن على كتفيه فانخرط في صفوف المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي. ليصبح أحد مؤسسي منظمة سيناء العربية التي كانت الذراع الفدائي الأبرز للدفاع عن سيناء إبان الاحتلال.

لم يكن الشيخ خلف مجرد مناضل، بل قائد عمليات نوعية ومخطط ميداني. واستطاع أن يستقطب العشرات من شباب القبائل ويؤسس معهم خلايا مقاومة شاركت في حرب الاستنزاف وصولاً إلى حرب أكتوبر 1973. وكان له دور فعال في نقل الأسلحة والصواريخ باستخدام الإبل. والتخفي في الصحراء لعدة أيام في انتظار اللحظة المناسبة لتنفيذ ضربات موجهة ضد مواقع الاحتلال.

عمليات الشيخ حسن خلف البطولية

روى الشيخ حسن في مناسبات متعددة تفاصيل بطولات خالدة..منها ضرب مركز القيادة الإسرائيلية في العريش خلال الاحتلال والهجوم على مستعمرات إسرائيلية في الشيخ زويد. وقدرته على اختراق الدفاعات الإسرائيلية والتنقل ما بين ضفتي قناة السويس لنقل السلاح والمؤن.

وعقب اندلاع حرب أكتوبر، ألقي القبض عليه من قبل الاحتلال. وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 149 عامًا بتهم متعددة بينها القتل والتنقل غير المشروع. إلا أن شجاعته تجلت في المحكمة حين واجه القاضي الإسرائيلي قائلاً: “أنتم من قتلتم أطفال بحر البقر، ونحن نقاتل محتلين، ولسنا قتلة”.

خرج البطل السيناوي من السجن بعد عامين فقط، إثر صفقة تبادل أسرى مع الجاسوس الإسرائيلي باروخ كوهين. ونال تكريماً رسمياً بمنحه نوط الامتياز من الدرجة الأولى عام 1974 من الرئيس الراحل أنور السادات تقديراً لشجاعته.

صوت العقل والصلح

لم يتوقف دور الشيخ حسن بعد انسحاب قوات الاحتلال من سيناء. بل تحول إلى رمز للسلام المجتمعي والإصلاح القبلي. حيث قاد جهوداً هامة لحل الخلافات القبلية والنزاعات بين العائلات وفق الأعراف البدوية.

ومع تصاعد موجات الإرهاب في سيناء، أعلن الشيخ خلف بشكل واضح وقاطع دعمه الكامل للدولة المصرية في حربها ضد التكفيريين. داعياً القبائل إلى الاصطفاف في مواجهة الجماعات المتطرفة ومعتبراً أن تلك المعركة امتداد طبيعي للنضال ضد إسرائيل. وقد دفع ثمناً غالياً لذلك حين استهدف أحد أبنائه وقتل برصاصة غدر أثناء تواجده في المنزل في مشهد ترك أثراً عميقاً في قلوب أبناء سيناء.

وفي كلمته بعد الحادث الأليم، قال خلف: “ابني شهيد أحتسبه عند الله ولا أزكيه عليه. أربعة شهداء من عائلتي وعشرات من أبناء القبائل ارتقوا على يد التكفيريين. أما جريمة مسجد الروضة فارتكبها من ماتت ضمائرهم وطمست قلوبهم”.

تكريم رسمي وشهادة أمام القيادة

شارك الشيخ حسن خلف في الندوة التثقيفية الـ36 للقوات المسلحة بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي. حيث ألقى كلمة مؤثرة استعرض فيها دور أبناء سيناء في إعادة بناء الجيش المصري بعد نكسة 1967. مؤكداً أن أهل سيناء كانوا “العيون الصادقة” التي اعتمدت عليها القوات المسلحة المصرية في ظل غياب التكنولوجيا والأقمار الصناعية آنذاك.

وقال خلال الندوة: “كنا نحن من حول مواقع العدو إلى كتاب مفتوح أمام جيشنا الباسل. هذه شهادة نعتز بها ونحملها وساماً على صدورنا، شكرًا لقادتنا الذين أنصفونا، فأنصفهم الله.”

وفاة الشيخ حسن خلف

في 23 يونيو 2022، ودعت سيناء أحد أنبل رجالها. حيث رحل الشيخ حسن خلف عن عمر ناهز 74 عاماً بعد حياة مليئة بالتضحية والعمل الوطني. فلم يكن مجرد شيخ قبيلة، بل مدرسة وطنية متكاملة، وقائد رأي، ومرجعية حكماء لجيل الشباب.

وأكد الشيخ عبد الله جهامة، رئيس جمعية مجاهدي سيناء، أن خلف كان أحد أعمدة المقاومة المدنية خلال احتلال سيناء. ووهب حياته لحماية ترابها، وقضى سنوات من عمره في سجون إسرائيل. لأنه آمن أن الأرض لا تحرر إلا بالدم، والصبر، والإرادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى