مسجد العمري الكبير في قنا: منارة التاريخ والدين

أسماء صبحي – في قلب مدينة قنا، يبرز مسجد العمري الكبير كواحد من أقدم وأهم المساجد في صعيد مصر. حيث لا يمثل فقط مكانًا للعبادة، بل يعد معلمًا تاريخيًا وثقافيًا يوثق مراحل متعددة من العمارة الإسلامية والحياة الدينية والاجتماعية في المحافظة.
لمحة تاريخية عن مسجد العمري الكبير
يعتقد أن مسجد العمري شيد في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي). وينسب إلى القائد الإسلامي عمرو بن العاص، رغم أن البناء الحالي للمسجد شهد ترميمات متعددة عبر العصور. أبرزها في العهدين المملوكي والعثماني، ما جعله مزيجًا فنيًا فريدًا يعكس تأثيرات تاريخية متنوعة.
وقد ظل المسجد لقرون طويلة مركزًا للتعليم الديني وتحفيظ القرآن، كما كان ملتقى لأهل العلم والفقه في قنا. مما منحه مكانة خاصة في ذاكرة سكان المحافظة.
مميزات معمارية فريدة
يمتاز المسجد بتصميمه الإسلامي التقليدي، حيث يضم صحنًا واسعًا محاطًا بأروقة. إضافة إلى منبر خشبي عتيق محفور بدقة عالية يعكس براعة الحرفيين القدماء.
كما تعد مئذنة المسجد من أبرز معالمه، إذ تصمم بشكل مخروطي يميّز العمارة الإسلامية في مصر العليا. ويحتوي المسجد على قبة رائعة مزينة بنقوش قرآنية وزخارف نباتية تعكس فنون العصر المملوكي.
مسجد العمري الكبير كمركز ثقافي
لم يكن مسجد العمري الكبير مجرد مكان للصلاة، بل لعب دورًا مجتمعيًا وثقافيًا واسعًا. فقد كانت تقام فيه الدروس الدينية، والاحتفالات الدينية مثل المولد النبوي الشريف. كما يعد حتى اليوم نقطة تجمع رئيسية لأبناء المدينة، خصوصًا خلال المناسبات الإسلامية.
كما استمر المسجد في تأدية رسالته التعليمية عبر الكتاتيب وتحفيظ القرآن. وخرج العديد من الأئمة والفقهاء الذين خدموا الدعوة الإسلامية في قنا ومناطق مجاورة.
ترميمات وتحديات حديثة
شهد المسجد عدة محاولات للترميم في السنوات الأخيرة. أبرزها تلك التي أُجريت تحت إشراف وزارة الأوقاف المصرية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، للحفاظ على هذا الأثر النادر.
إلا أن التحديات البيئية والتوسع العمراني المحيط بالمسجد تمثل خطرًا على حالته الإنشائية. مما يستدعي اهتمامًا أكبر من الجهات المختصة والمجتمع المحلي للحفاظ على هذا التراث الفريد.