تاريخ ومزارات

قناطر محمد علي: إرث هندسي وتاريخي خالد في القليوبية

أسماء صبحي – تقف قناطر محمد علي بمدينة القناطر الخيرية في محافظة القليوبية شاهدة على عصر من التقدم والنهضة التي أراد محمد علي باشا أن يبنيها لمصر في القرن التاسع عشر. ولم يكن هذا المشروع الذي بدأ بناؤه عام 1833 واكتمل في 1843 مجرد منشأة للتحكم في المياه. بل كان رمزًا للحداثة واستراتيجية إدارة الموارد المائية.

تصميم قناطر محمد علي

اختير موقع القناطر بعناية عند تفرع النيل إلى فرعيه دمياط ورشيد. وهو مكان استراتيجي يسمح بالتحكم الكامل في توزيع المياه إلى دلتا النيل. وقد ساعد المشروع في تحسين الزراعة وتوفير مياه الري طوال العام بدلًا من الاعتماد الكامل على الفيضان الموسمي.

جاء تصميم القناطر على الطراز الأوروبي، واستخدمت في بنائها أحدث التقنيات المعروفة في ذلك الوقت. وهي تتكون من مجموعة من الكباري والأهوسة (بوابات مائية) التي تنظّم تدفق المياه بدقة. كما بنيت على جانبيها حدائق واسعة ومساحات خضراء ما جعلها مقصدًا للنزهات والراحة منذ أيام الخديوي إسماعيل وحتى اليوم.

مقصد سياحي وثقافي

لا تمثل القناطر الخيرية إنجازًا هندسيًا فقط، بل أصبحت مع الوقت مزارًا سياحيًا ومركزًا ثقافيًا. ويزور آلاف المواطنين هذا المكان خلال الأعياد والمناسبات للاستمتاع بالمساحات الخضراء والأشجار النادرة. فضلًا عن مشاهدة عبقرية البناء الممزوجة بالجمال الطبيعي للنيل.

ويؤكد الدكتور أحمد الشافعي، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، أن قناطر محمد علي ليست فقط مشروع ري. بل هي انعكاس لرؤية شاملة للدولة الحديثة في عهد محمد علي. كما أراد بها أن يتحكم في المياه ويؤسس نظامًا زراعيًا قويًا. لكنها أيضًا بنيت بذوق فني مميز يجعلها أثرًا معماريًا لا يقل أهمية عن القصور أو المساجد.

وشهدت القناطر الخيرية محاولات ترميم وتطوير خلال العقود الأخيرة. خاصة من قبل وزارة الموارد المائية والري بالتعاون مع محافظات الدلتا. وتم تحديث بعض الأهوسة وتطوير الحدائق والمرافق لتشجيع السياحة الداخلية. ورغم ذلك يرى كثير من الخبراء أن القناطر ما زالت بحاجة إلى خطة شاملة للترويج السياحي والأثري تليق بمكانتها التاريخية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى