السلطان حسين كامل.. كيف أصبح صديق الفلاح وأول من حمل لقب سلطان مصر تحت الاحتلال البريطاني

في أواخر عام 1914 هبت رياح التغيير على مصر عندما قررت بريطانيا في خضم الحرب العالمية الأولى عزل الخديو عباس حلمي الثاني وإعلان مصر محمية بريطانية، وكان ذلك إيذانا بانتهاء السيادة الاسمية للدولة العثمانية على وادي النيل، وفي تلك اللحظة التاريخية وقع الاختيار على حسين كامل ابن الخديو إسماعيل ليصبح أول من يحمل لقب سلطان في تاريخ مصر الحديث متربعا على عرشها في 19 ديسمبر 1914.
من هو السلطان حسين كامل
كان السلطان حسين كامل رجلا محبا للأرض وللفلاحين حتى عرف بلقب صديق الفلاح، فقد اعتاد في شبابه أن يشرف بنفسه على مزارعه ويتابع أحوال الفلاحين ويعمل على تحسين حياتهم، وقبل تتويجه سلطانا تولى عدة مناصب مهمة، حيث نظم الأشغال العمومية فأنشأ خط سكة حديد القاهرة حلوان، ثم تولى إدارة المالية، كما قاد مجلس شورى القوانين، لكن توليه السلطنة في ظل الاحتلال البريطاني لم يحظ بقبول شعبي واسع، فالمصريون كانوا يحنون إلى الخديو عباس حلمي ويرددون شعارهم الشهير الله حي عباس جاي.
تحولت مصر في عهده إلى قاعدة عسكرية بريطانية رئيسية تنطلق منها العمليات الحربية في عدة اتجاهات، وأصبحت السياسة الداخلية مرتبطة بمصالح الإنجليز، بينما خضعت السياسة الخارجية لسيطرتهم بشكل كامل، ورغم هذه القيود لم يستسلم السلطان حسين كامل بل حاول كسب ود شعبه، فاهتم بالتعليم وزار المدارس بنفسه وشجع الطلاب وقدم جوائز للمتفوقين ومنح دراسية، وترك أثرا طيبا في نفوس الطلاب وأسرهم، ومع مرور الوقت بدأت قلوب المصريين تميل إليه شيئا فشيئا.
لكن القدر لم يمنحه الفرصة ليستمر طويلا، فبعد أن حكم مصر لمدة سنتين وتسعة أشهر وسبعة عشر يوما توفي السلطان حسين كامل في الرابع من أكتوبر 1917 بعد معاناة مع المرض، ودُفن في مسجد الرفاعي بالقاهرة، تاركا إرثا من المحاولات للتقرب من شعبه رغم صعوبة المرحلة، أما ابنه الوحيد الأمير كمال الدين حسين فقد رفض اعتلاء العرش وتنازل عن حقوقه، ليقع الاختيار البريطاني على عمه أحمد فؤاد الذي أصبح السلطان الجديد وبدأ معه فصل آخر في تاريخ مصر.



