قصص من شواطىء آسيا وإفريقيا

قصص من شواطىء آسيا وإفريقيا
بقلم :ا . د محمد بكر البوجي رئيس جمعية النقاد الفلسطيني
أن تقرأ قصصا قصيرة من أرجاء الوطن العربيخ وأفريقيا دفعة واحدة من أجل التحكيم وفرز ما يستحق مهمة شاقة ولا شك ، قد أكون وجيلي تربينا وتعلمنا القصة على يد الكبير يوسف إدريس من الناحيتين الفنية والمضمونية، حيث الهموم القومية تلتبس وتندغم مع فنية القصة بشكل مثير للدهشة ، حاولت هنا تطبيق مدرسة إدريس وكانت المفاجأة أنه من بين مئات القصص التي وصلت مسابقة الملتقى الأفروآسيوي للإبداع قليلة التي تحمل هموما قومية واجتماعية ، قليلة هي القصص التي تلفت الانتباه ، يبدو أن الباقين يعتمدون على مشاهدة المسلسلات المتلفزة ، أثار هذا غضبي على مستقبل القصة في الأدب العربي.
في القصة الموضوع هو الأهم الناتج عن قلق الكاتب مما ينتج أدبا مفعما بألفاظ وأنساق ترزح تحت وطأة هذا القلق ، الأدب أصلا هو تعبير عن حالة قلق تسيطر على الكاتب ، الأدب هو تشويه خلاق للواقع ، واقعنا سر إبداعنا لأنه يفوق الخيال في غرائبيته وهذ سر نجاح أعمال غسان كنفاني وإميل حبيبي والطاهر وطار ويوسف إدريس ونجيب محفوظ ، كثيرون هم المبدعون الحقيقيون الذين يعتمدون القراءة في مجالات شتى ثم يندمجون مع واقعهم .
في هذا الكتاب حاول أديبنا الكبير، حاتم عبد الهادي السيد، تجاوز الخلافات السياسية الطارئة ويتخذ من الكلمة الأدبية وسيلة للتواصل الأفروآسيوي وقد نجح في سيره عبر مسابقة القصة القصيرة، اجتهدنا في لجنة التحكيم أن نفرز الأفضل فنيا وفكريا . هذه المجموعة الفائزة قد تمنحنا الأمل في خطوات جديدة نحو إبداع قصة أدبية عربية انسانية تتجاوز المعهود في صناعتها لأن الأدب صناعة . توجد في هذا الكتاب قصص جادة تستحق النظر والدراسة مثل : قصة حاميد اليوسفي من مراكش وآمنة سلام من موريتانيا وأحمد أبو زيد من مصر ، ما جاء بين دفتي هذا الكتاب هي فرز من مئات القصص التي وصلت المسابقة ، لا شك يستطيع القارئ أن يجد متعة القراءة وإشغال الفكر ، نحن في الوطن العربي لا نعدم خطوات المتابعة والتطور في رسم الكلمات عبر أدوات فنية حداثية جادة مندغمة بوعي حضاري وثقافة حرة.
لا أدعي أن المتقدمين للمسابقة هم الأفضل في الوطن ، لكنهم شباب طموح نحو خطوات تقدمية فاعلة تتجلى صورة الواقع وانسانيته في معظم القصص بلغة أدبية درامية تجعل القارئ يتوحد بكليته ويتابع القصة. أشكر أديبنا الكبير ، حاتم عبد الهادي السيد ، ابن سيناء ابن مدينة العريش المنفتحة على العالم من خلال بحرها ونخلها وقدسيتها . استطاع أن ينجز هذه المسابقة وهذا الكتاب باقتدار مع زملائه في الملتقى الأفروآسيوي.
أديبنا الكبير سر على بركة الله نحو مسابقة في الرواية ، قد نجد شبانا يتجاوزون جيلنا بوعي أوضح في مفاهيم الأدب وأهميته نحو التغيير.