الشيخ زكريا بن سالم: شخصية تاريخية مؤثرة في سيناء
أسماء صبحي – تعد سيناء إحدى المناطق الغنية بالتاريخ والعديد من الشخصيات البارزة التي لعبت دورًا حاسمًا في العديد من الأحداث التاريخية الكبرى. ومن بين تلك الشخصيات التي برزت في القرن العشرين، يأتي الشيخ زكريا بن سالم. الذي كان له تأثير كبير في تاريخ سيناء من خلال مواقفه الوطنية والقبلية.
ولد الشيخ زكريا في إحدى القرى التابعة لشمال سيناء في بداية القرن العشرين. وكان من أسرة بدوية تحظى بمكانة مرموقة بين القبائل السيناوية.
دور الشيخ زكريا بن سالم في المقاومة
في مرحلة الاستعمار البريطاني لمصر، كانت سيناء مسرحًا للعديد من العمليات العسكرية والمقاومات الشعبية ضد الاحتلال. وكان الشيخ زكريا أحد أبرز قادة المقاومة في سيناء. وعمل على توحيد القبائل السيناوية، معتمدًا على مكانته الاجتماعية والقبلية الكبيرة، لتنظيم عمليات مناهضة للاحتلال البريطاني. كما كان يقود فرقًا من المجاهدين المحليين الذين قاموا بعدد من الهجمات ضد القوات البريطانية في سيناء.
في تلك الفترة، كان الشيخ زكريا يحرص على تكوين تحالفات مع قادة قبائل أخرى بهدف نشر الوعي وتعزيز مشاعر المقاومة بين الأهالي.
وواحدة من أكبر مساهمات الشيخ زكريا كانت في توجيه الشباب نحو المشاركة في الأنشطة الوطنية والسياسية. فلم يكن فقط محاربًا، بل كان أيضًا موجهًا ومثقفًا سياسيًا، حيث عمل على نشر الوعي الوطني بين الأهالي في سيناء. محفزًا الشباب على الانخراط في الجهود المناهضة للاحتلال البريطاني إضافة إلى نشر قيم الحرية والاستقلال. كما قام بتدريب العديد من الشباب على التنظيم والتخطيط للعمل المقاوم.
مرحلة ما بعد الاستقلال
بعد نجاح ثورة 1952 في مصر، لم تتوقف مواقف الشيخ زكريا في دعم قضايا سيناء. فقد استمر في المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية في مرحلة ما بعد الاستقلال. حيث كان له دور في تعزيز مكانة سيناء كجزء لا يتجزأ من الدولة المصرية. كما ركز الشيخ زكريا في هذه المرحلة على تطوير العلاقات بين القبائل السيناوية والسلطات المحلية. مما ساعد على تعزيز الاستقرار في المنطقة. وكان يسعى دائمًا إلى توجيه انتباه الحكومات المصرية إلى أهمية تنمية سيناء ودعم أهلها.
وكان للشيخ زكريا دور محوري في الحفاظ على الهوية السيناوية. ليس فقط من خلال مقاومة الاحتلال الأجنبي، بل أيضًا من خلال ربط السيناويين بالوطن الأم، مصر. كما كان يسعى جاهدًا إلى التأكيد على أن سيناء ليست مجرد منطقة جغرافية. بل هي جزء لا يتجزأ من التراث المصري، ويحظى أهلها بذات الحقوق والواجبات مثل باقي أبناء مصر. لهذا كان الشيخ زكريا يمثل نموذجًا فريدًا للقيادة التي تحرص على تقوية الروابط بين المجتمع السيناوي والدولة المصرية.
ويقول الدكتور عادل توفيق، الباحث في تاريخ سيناء، إن الشيخ زكريا بن سالم لم يكن مجرد قائد قبلي، بل كان رمزًا للمقاومة والوعي الوطني. لقد تمكن من قيادة قبائل سيناء نحو هدف مشترك وهو الحرية والاستقلال. ومن خلال تحالفاته وتنظيماته، ترك إرثًا قويًا في الذاكرة التاريخية السيناوية التي لا يمكن نسيانها.



