تاريخ ومزارات

محمد بن القاسم الثقفي نهاية بطل الفتح الإسلامي في السند

محمد بن القاسم الثقفي من أبرز القادة العسكريين في العصر الأموي ولد عام 62 هـ في الطائف ونشأ في بيئة عسكرية إذ كان ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي الذي لاحظ براعته العسكرية فقرّبه وأسند إليه مهام كبرى مما جعله مؤهلًا ليكون قائدًا لواحدة من أعظم الفتوحات الإسلامية.

فتح السند حلم بدأ منذ عهد الخلفاء الراشدين

كانت بلاد السند هدفًا للفتوحات الإسلامية منذ عهد عمر بن الخطاب الذي أرسل جيشًا بقيادة الحكم بن أبي العاص إلى ساحل الهند فحقق المسلمون انتصارات هناك لكن عمر أوقف التقدم خوفًا من المسافة البعيدة وصعوبة السيطرة واستمرت المحاولات في عهد عثمان بن عفان ثم في عهد علي بن أبي طالب الذي أرسل الحارثة بن مرة العبدي فحقق انتصارات لكنه استشهد لاحقًا واستمرت الجهود في عهد معاوية بن أبي سفيان الذي أمر المهلب بن أبي صفرة بمواصلة الغزو وحقق قادته نجاحات كبيرة خاصة بعد فتح مكران التي أصبحت بوابة الإسلام إلى غرب البنجاب.

محمد بن القاسم وقيادة الفتح العظيم

عندما تولى الحجاج بن يوسف ولاية العراق جعل فتح السند أولوية خاصة بعد مقتل محمد بن هارون النمري على يد ملك السند داهر فاختار ابن عمه محمد بن القاسم لهذه المهمة رغم صغر سنه إذ كان في السابعة عشرة من عمره عام 89 هـ.

انطلق محمد بن القاسم من العراق إلى مكران حيث جمع قواته ثم تقدم نحو الدبيل ففرض عليها حصارًا شديدًا واستخدم المنجنيق الضخم العروس الذي كان يحتاج إلى 500 رجل لتشغيله وبعد معارك عنيفة تمكن من فتحها مما شكل نقطة تحول في حملته واستمرت انتصاراته ففتح مدنًا عدة منها قنزبور وأرمائيل حتى وصل إلى نهر مهران حيث كان جيش داهر بانتظاره.

معركة الحسم ومقتل داهر

حشد داهر جيشًا ضخمًا مدعومًا بالفيلة لكنه استهان بعدد المسلمين وعبر محمد بن القاسم نهر مهران ليخوض معركة حاسمة انتهت بمقتل داهر بيد المسلمين وسقوط عاصمته مما فتح الطريق أمام المسلمين للسيطرة على السند واستكمال الفتوحات.

تابع محمد تقدمه ففتح راور ومدينة رهماناباذ ثم ساوندري التي أعلن أهلها إسلامهم وسلموا المدينة دون قتال ثم واصل إلى الملتان مركز البوذية في السند حيث غنم منها أموالًا طائلة قدرت بـ 120 مليون درهم أرسلها إلى الحجاج.

تحولات سياسية تنهي مسيرة الفاتح

بعد وفاة الخليفة الوليد بن عبد الملك عام 96 هـ تولى سليمان بن عبد الملك الذي كان يكره الحجاج فبدأ بعزل جميع رجاله وعين صالح بن عبد الرحمن واليًا على العراق فأمر بسحب محمد بن القاسم من منصبه.

رفض محمد نصائح جنوده بالتمرد والاستقلال بالسند رغم حبهم الشديد له وفضل الطاعة للخلافة وعاد إلى العراق ليواجه مصيرًا مأساويًا حيث اتهم ظلمًا باغتصاب صيتا ابنة داهر وتم اعتقاله وأرساله إلى سجن واسط.

نهاية مأساوية لفاتح السند

في السجن تعرض محمد لتعذيب شديد على يد صالح بن عبد الرحمن انتقامًا لأخيه الذي قتله الحجاج وأُجبر على الاعتراف بتهم ملفقة وظل يعاني حتى فارق الحياة في ظروف مأساوية لتنتهي بذلك حياة قائد لم يعرف الهزيمة لكنه سقط ضحية للسياسة والمؤامرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى