الأشرف خليل وسقوط عكا.. نهاية الحقبة الصليبية في الشام

في القرن الثالث عشر الميلادي، خاض سلاطين المماليك في مصر معارك مصيرية، إذ واجهوا خطر المغول من الشرق، وفي الوقت ذاته حملوا راية إنهاء الوجود الصليبي في بلاد الشام، بدأ السلطان الظاهر بيبرس بتحرير أنطاكية، وأكمل بعده السلطان المنصور قلاوون استعادة طرابلس، ثم وضع خطته لحصار عكا، آخر وأقوى معاقل الصليبيين على الساحل الشامي، فجهز جيشًا هائلًا مدعمًا بمنجنيقات ضخمة لهدم أسوارها، لكن وفاته عام 689هـ/1290م أرجأت تنفيذ الحملة.
من هو الأشرف خليل
حين اعتلى السلطان الأشرف خليل العرش بعد وفاة والده، لم يتردد في استكمال المهمة، فقاد الجيش الذي أعده قلاوون باتجاه عكا، انطلقت القوات من القاهرة ووصلت إلى أسوار المدينة في الخامس من أبريل 1291م، لم يرهب الأشرف تحصينات عكا المنيعة، بل شدد الحصار ونشر المنجنيقات التي راحت تدك الأسوار بلا توقف، استمر الحصار 44 يومًا، ومع مرور الأيام بدأت جدران عكا تتهاوى، وانهارت معنويات الصليبيين الذين أيقنوا أن الهزيمة قادمة لا محالة.
مع بزوغ فجر الجمعة 17 جمادى الأولى 690هـ/18 مايو 1291م، أعطى الأشرف الإشارة للهجوم النهائي، فتضافرت ضربات المنجنيقات مع زحف المقاتلين المسلمين، لتسقط الأسوار والأبراج في لحظة حاسمة، وارتفعت رايات المماليك فوق المدينة، لم يجد الصليبيون خيارًا سوى الهروب، ففر من استطاع إلى السفن القبرصية الراسية في ميناء عكا، إلا أن العديد منها غرق تحت وطأة الفارين، دخل المماليك المدينة بعد قرن من الاحتلال الصليبي، ليعلنوا نهاية آخر معاقلهم الكبرى في الشام.
بعد سقوط عكا، لم تصمد باقي الحاميات الصليبية طويلًا، فسارعت صور وصيدا إلى الاستسلام، ليتحقق النصر الكامل، انتهت الحروب الصليبية التي استمرت قرنين، سقط خلالها آلاف القتلى، وعادت الأرض إلى أصحابها، طويت صفحة طويلة من الصراع، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة.