وراء كل مثل حكاية.. “أول ما شطح نطح” أصله من الصعيد

أميرة جادو
لطالما اشتهرت الحضارات العريقة بالعديد من الأمثال الشعبية والحكم التي تعكس تجاربها الحياتية، حيث صيغت هذه العبارات بأسلوب موجز وبليغ يجعلها صالحة للتعبير عن مختلف المواقف، لتصبح أشبه بقوانين اجتماعية تحكم علاقة الإنسان بمحيطه، وقد أطلق على هذه العبارات اسم “الأمثال الشعبية”، التي ظلت متداولة عبر الأجيال، لما تحمله من معاني عميقة وحكمة مستمدة من التجارب اليومية.
الأمثال الشعبية في مصر
يعد المجتمع المصري من أكثر المجتمعات التي أبدعت في صياغة الأمثال الشعبية، حيث نشأت عبارات تنم عن خبرات واسعة ووعي عميق بالحياة، وظلت بعضها قائمة حتى يومنا هذا، بينما طواها النسيان بعضها الآخر. وما زالت بعض الأمثال تؤثر بشكل كبير في تصرفات الناس، حتى أصبحت موجهًا رئيسيًا للسلوك الاجتماعي. ومن أبرز هذه الأمثال التي اشتهرت في مصر: “أول ما شطح نطح”.
قصة مثل “أول ما شطح نطح”
يرجع أصل هذا المثل إلى إحدى القرى في صعيد مصر، حيث اجتمع عدد من الأهالي يتناقشون حول مادة “براز الجاموس” وكيفية تكوّنها. وبينما كانوا يتبادلون الآراء، استقروا على فكرة غريبة مفادها أن أصل هذه المادة هو “الجبن”! وانطلاقًا من هذا الاعتقاد، قرر أحدهم أن يختبر نظريتهم، فقام بدفن قطعة من الجبن في الأرض، وعاد إليها بعد أيام ليرى ما حدث لها. وعندما بحث عنها، عثر على حجر صلب ضربه في رأسه فأوجعه، فظن أن ما وجده هو قرن عجل قد نما من قطعة الجبن المدفونة، فهتف متعجبًا: “أول ما شطح نطح”! ومنذ ذلك الوقت، أصبح هذا القول مثلًا متداولًا بين الناس، يستخدم للدلالة على الشخص الذي يبدأ أمرًا ما باندفاع زائد أو تصرف غير متوقع قد يؤدي إلى عواقب غير محمودة.
والجدير بالذكر أن الأمثال الشعبية ليست مجرد عبارات عابرة، بل هي انعكاس لثقافة المجتمعات وتجاربها، وتبقى شاهدة على تطور الفكر الاجتماعي على مر العصور.