تاريخ ومزارات

طهنا الجبل: كنز المنيا الأثري الذي لم يكشف كل أسراره بعد

تتميز محافظة المنيا بكونها وجهة سياحية فريدة تضم العديد من المناطق الأثرية التي تحمل في طياتها تاريخًا عريقًا، بعضها لا يزال ينتظر الكشف عن أسراره بالكامل. من بين هذه المواقع تبرز قرية طهنا الجبل التابعة لمركز المنيا، التي تقع شرق نهر النيل على مسافة قصيرة من المدينة. ساهم إنشاء كوبري النيل في تسهيل الوصول إليها، بعدما كان الوصول في الماضي يعتمد على المراكب النيلية التي كانت وسيلة النقل الوحيدة لعبور النهر.

تاريخ طهنا الجبل

تعود أصول قرية طهنا الجبل إلى عصور الدولة الفرعونية القديمة والعصر اليوناني، حيث عرفت قديمًا باسم أكوريس. وتضم هذه المنطقة واحدًا من أبرز المعالم الأثرية في مصر وهو معبد نيرون، المخصص لعبادة الإله سوبك، إله الخصوبة والسعادة، الذي يجسد على هيئة تمساح. يوجد داخل المعبد مكان خاص عليه باب حديدي، يضم بعض التماسيح المحنطة التي تعتبر شاهدًا حيًا على طقوس العبادة القديمة في هذا الموقع.

رغم أهمية الموقع، لا تزال المنطقة تحتفظ بأسرار لم تكتشف بعد، إلى جانب احتوائها على مقصورة مخصصة لعبادة المعبودة حتحور، التي تجسد الجمال والأنوثة في الميثولوجيا المصرية القديمة. ورغم مرور آلاف السنين، ما زالت هذه البقعة بكراً، تروي القليل من حكاياتها وتخفي الكثير.

يعود تاريخ معبد نيرون في طهنا الجبل إلى أكثر من ألفي عام، ويتميز بتنوع أثري يجمع بين الحضارات الفرعونية واليونانية والإسلامية والقبطية. يتألف المعبد من ثلاثة طوابق منحوتة في الصخر، مما يعكس براعة المصريين القدماء في فنون العمارة.

مقتناياتها

كما يحتوي الطابق الأول على صالة كبيرة مزينة بعدد من الأعمدة، إلى جانب مخازن وصالة أخرى تضم مقصورة حتحور وبعض الآبار المخصصة للدفن. كما توجد صالة قدس الأقداس التي تحتضن أربعة مقابر وغرفة مخصصة للإله سوبك، حيث تظهر مجموعة من التماسيح المحنطة كرمز لهذا الإله. تملأ النقوش الفرعونية جدران المعبد، لتروي قصصاً عن العبادات والحياة اليومية في العصور القديمة.

بالإضافة إلى معبد نيرون، تضم المنطقة مجموعة مقابر فريزر التي تقع على بعد 12 كيلومترًا شمال مدينة المنيا. عرفت طهنا في العديد من المراجع باسم أكوريس، وتقع مقابر فريزر على بُعد حوالي كيلومترين من طهنا الجبل. تعتبر هذه المقابر من أبرز المعالم المفتوحة للزيارة، حيث تم نحتها في الصخور وتضم مجموعة من المصاطب والمقابر الصخرية الفريدة.

اكتشف جورج فريزر هذه المقابر وأعطاها أرقامًا من 2 إلى 14، بينما ترك الرقم 1 لمجموعة من الآبار. توجد أربع مقابر مفتوحة للزيارة، أبرزها مقابر ني كا عنخ 1 وني كا عنخ 2، إلى جانب مقبرة يعتقد أنها تعود لحم حتحور، الابن الأكبر لني كا عنخ. كذلك توجد مقبرة أخرى في أقصى الجنوب الشرقي، ربما تعود لغنوكا، لكنها غير مفتوحة للزيارة.

حرصت الإدارة العامة لترميم آثار ومتاحف المنيا على تنفيذ أعمال الترميم والصيانة الدورية لهذه المقابر للحفاظ على قيمتها الأثرية والتاريخية. ومع كل عملية ترميم جديدة، تكشف هذه المواقع عن مزيد من التفاصيل التي تضيء جوانب خفية من تاريخ مصر العريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى