تاريخ ومزارات

حياة جورجيوس بن جبرائيل: طبيب الخلفاء وصانع المعجزات الطبية

امتلك جورجيوس بن جبرائيل خبرة واسعة في صناعة الطب ومعرفة دقيقة بفنون المداواة وأنواع العلاج. مما أهله ليكون طبيبًا معتمدًا لدى الخليفة المنصور. حيث نال مكانة رفيعة وجنى أموالًا طائلة بفضل براعته. لم تقتصر إسهاماته على علاج المرضى، بل نقل العديد من الكتب الطبية اليونانية إلى العربية، مما ساهم في إثراء المعرفة الطبية في عصره.

من هو جورجيوس بن جبرائيل

بدأت قصة جورجيوس مع الخليفة المنصور في عام 148 هـ. حين أصيب الخليفة بمرض عضال أفقده شهيته وأرهق جسده. وفشل الأطباء في علاجه. لجأ المنصور إلى الربيع ليجمع أفضل الأطباء من سائر المدن، وأجمعوا على أن جورجيوس، رئيس أطباء جندي سابور، هو الأمهر في مجاله. أرسل المنصور في طلبه، ولما وصل المبعوث إلى المدينة. كما حاول إقناع جورجيوس بالذهاب معه. لكنه رفض في البداية لأسباب شخصية. لم يتردد المبعوث في اعتقاله لإجباره على المغادرة، فاستجاب جورجيوس بعد تدخل رؤساء المدينة والمطران. وأوصى ابنه بختيشوع بإدارة شؤون البيمارستان قبل أن ينطلق إلى بغداد برفقة تلاميذه إبراهيم وعيسى بن شهلا.

عند وصوله إلى البلاط العباسي، استقبله المنصور بحفاوة وأعجب بفصاحته وهيبته. جلس أمام الخليفة وأجاب على أسئلته بثقة وهدوء، مما جعله ينال إعجاب المنصور، الذي منحه خلعة فاخرة وأمر بتوفير سكن فاخر له وتكريمه كأحد أفراد الأسرة الملكية. بدأ جورجيوس في علاج الخليفة، مراقبًا نبضه وحالته الصحية، وأوصى بتخفيف الغذاء حتى استعاد المنصور عافيته، مما جعله يحظى بمكانة مرموقة وثقة كبيرة لدى الخليفة.</p>

علاقته بالخليفة

ذات يوم لاحظ المنصور تغير ملامح جورجيوس وسأل الربيع إن كان قد حرم من مشروبه المعتاد. وعندما علم الخليفة بذلك، أمر الربيع بتوفير ما يطلبه جورجيوس من مشروبات فاخرة دون تأخير. وبعد عامين، طلب المنصور استدعاء ابن جورجيوس الذي كان يدير شؤون البيمارستان، إلا أن جورجيوس أوضح أن المدينة بحاجة ماسة لابنه، وأحضر بدلًا منه تلميذه عيسى بن شهلا. أعجب الخليفة بمهارة التلميذ، مما زاد من تقدير جورجيوس وتلاميذه في البلاط.

في مناسبة يوم الميلاد، سأل الخليفة جورجيوس عما يرغب في تناوله، ثم استفسر عن حياته الشخصية، وعلم أنه متزوج من امرأة مسنة لا تستطيع الانتقال معه. أراد المنصور مكافأته فأرسل له ثلاث جوارٍ روميات جميلات مع ثلاثة آلاف دينار. لكن جورجيوس رفض هذه الهدايا، معتبرًا أن ذلك يتعارض مع تعاليم دينه المسيحي الذي يمنع تعدد الزوجات ما دامت الزوجة على قيد الحياة.

كما أعاد جورجيوس الجواري إلى قصر الخليفة. وأوضح موقفه بثبات. أثار هذا الموقف إعجاب المنصور الذي زاد من احترامه لجورجيوس. وسمح له بخدمة نساء القصر، مما عزز مكانته أكثر في البلاط العباسي. هكذا ظل جورجيوس بن جبرائيل رمزًا للعلم والنزاهة والثبات على المبدأ، جامعًا بين براعة الطب وقوة الشخصية. ليكتب اسمه في صفحات التاريخ كأحد أعظم أطباء عصره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى