القبقاب.. حذاء التراث الذي يصارع للبقاء

يعتبر القبقاب أحد الأحذية التقليدية التي صنعت يدويًا من الخشب وزينت بسيور جلدية لتثبيتها على مشط القدم، فكان جزءًا أصيلًا من التراث الشعبي في مصر وبلاد الشام، واشتهر في وقائع تاريخية بارزة مثل مصرع الملكة شجر الدر في عصر المماليك عندما تعرضت للضرب بالقباقيب حتى الموت، لكن هذا الحذاء الذي طالما صدحت أصواته في البيوت والشوارع بات اليوم مهددًا بالاختفاء وسط تغيرات العصر المتسارعة.
تاريخ صانع القباقيب
يبذل صانع القباقيب جهدًا شاقًا في تحويل قطع الخشب الخام إلى أحذية مصقولة بلمسات دقيقة، وكأنه ينحت عملًا فنيًا بيديه، يواصل عمله مدفوعًا بحبه لهذه الحرفة رغم المشقة وضعف العائد المادي، يقاوم بإصرار اندثار هذا الفن العريق الذي شكل جزءًا من الهوية الثقافية لعقود طويلة.
يرجع تاريخ القبقاب إلى مصر الفرعونية، لكنه شهد ازدهارًا كبيرًا في العصرين الفاطمي والعثماني، حيث أصبح عنصرًا أساسيًا في البيوت والحمامات العامة، وفي دمشق، اكتسب قيمة ثقافية خاصة حتى خُصص له سوق عرف باسم القباقبية، فيما فضلت النساء ارتداءه داخل المنازل لراحته وسهولة استخدامه أثناء الأعمال اليومية.
يقف صانع القباقيب اليوم أمام تحدي صعب للحفاظ على إرثه في مواجهة عالم يمضي نحو نسيان الماضي، يحمل في يديه تاريخًا طويلًا ومهارة توارثتها الأجيال، لكنه يواجه واقعًا لا يعترف إلا بالحداثة.