حوارات و تقارير

الأشهر الحرم.. حرمة راسخة منذ عهد إبراهيم وعظمة لا تزول حتى يوم القيامة

تمتد حرمة الأشهر الحرم جذورها إلى زمن سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث وردت في شريعته كركيزة أساسية لتحقيق الأمن والسلام. التزمت القبائل في شبه الجزيرة العربية بتحريم القتال في هذه الأشهر على مدار العصور لتأمين طرق القوافل التجارية في مواسم الحج إلى مكة. رغم ذلك، خرجت بعض القبائل عن هذا التحريم وأباحت لنفسها الحرب. مع مجيء الإسلام، ثبتت حرمة هذه الأشهر إلى الأبد، حيث تستمر قدسيتها حتى يوم القيامة.

لماذا سميت بالأشهر الحرم؟

وفي هذا السياق قال الدكتور فتحي عثمان أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن تسمية الأشهر الحرم لتدل على عظمة منزلتها وحرمتها التي تتطلب اجتناب الذنوب فيها، حيث حرم الله القتال خلالها. يقول تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير…} [البقرة: 217]. وقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأشهر في قوله: “السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان” [رواه البخاري].

الطاعات في الأشهر الحرم

تشكل الأشهر الحرم فرصة عظيمة للمسلم للارتقاء بالطاعات والابتعاد عن المعاصي. ومن أبرز الطاعات التي يُستحب القيام بها:
1. الإكثار من الأعمال الصالحةمثل الصلاة، وقراءة القرآن، ومساعدة المحتاجين، والمداومة عليها لما لذلك من أثر في باقي الشهور.
2. استثمار العبادات الموسمية كالحج، وصيام يوم عرفة، وصيام عاشوراء.
3. ترك الظلم، سواء كان ظلم النفس أو الآخرين، لما لهذه الأشهر من قدسية تتطلب الابتعاد عن الآثام.
4. الإكثار من الصدقات تعبيرًا عن شكر الله واستجابة لنفحات البركة في هذه الأيام.
5. الالتزام بالصيام لما له من أثر في تهذيب النفس والتقرب إلى الله.

عظمة حرمة الأشهر الحرم

خص الله الأشهر الحرم بمكانة خاصة وجعل الظلم فيها أشد وأعظم من غيرها، حيث قال: {…فلا تظلموا فيهن أنفسكم…} [التوبة: 36]. الظلم هنا يشمل كل أنواع المعاصي والذنوب، سواء كانت في حق الخالق أو في حق النفس أو في حق المخلوقات. ومن أبلغ صور التحذير من الظلم قوله تعالى عن الحرم المكي: {…ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [الحج: 25].

تحمل هذه الأشهر في طياتها رسالة سماوية تدعو إلى السلام والتقوى، وتحث المسلم على اغتنامها في الخير والبُعد عن الشر، ليكون دائمًا أقرب إلى الله، وأبعد عن كل ما يغضبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى