حوارات و تقارير

القليوبية.. معقل المهن اليدوية والتراثية التي تحدت الزمن وتقاوم الانقراض

تشتهر محافظة القليوبية بمهن يدوية وتراثية تعكس هوية مميزة للمجتمع المحلي، وتعد مصدر رزق للآلاف من سكانها. هذه الصناعات الفريدة التي تطورت عبر الأجيال تشمل صناعة الشماسي والبرجولات والمظلات من الحناء، وصناعة الأقفاص والكراسي من جريد النخيل، إلى جانب السجاد والكليم اليدوي، حيث تميزت كل قرية بمهنة جعلتها متفردة بين نظيراتها في باقي المحافظات.

قلعة الحناء وصناعة الشماسي والبرجولات

كما تعتبر قرية ميت كنانة التابعة لمركز طوخ في القليوبية مركزًا حيويًا لصناعة الشماسي والمظلات والبرجولات من نبات الحناء. هذه الحرفة التي يعود تاريخها لعقود طويلة لا تزال مصدر رزق أساسي للعديد من الأسر في القرية. أوضح محمد عبد الله، أحد أهالي القرية، أن الحناء المستخدم في هذه الصناعات يأتي من محافظات الصعيد، حيث يخضع لعملية تجهيز دقيقة تشمل نقعه في الماء لمدة أسبوعين لتليينه ثم تقطيعه وتنظيفه. بعد ذلك، يُستخدم في صناعة المنتجات اليدوية مثل الشماسي، البرجولات، أقفاص الطيور، والكراسي، فيما تُستغل أوراق الحناء في صناعة مستحضرات التجميل والعطارة.

القرية تضم حوالي 300 ورشة وأكثر من 4000 عامل، وتواجه تحديات كبيرة أبرزها تراجع السياحة، وارتفاع تكلفة المواد الخام والنقل، مما أثر على استمرارية هذه الحرفة العريقة.

“إمياي”.. قرية تحارب البطالة بجريد النخل

أما قرية إمياي، فهي رمز آخر للإبداع اليدوي في القليوبية، حيث تخصصت منذ عقود في صناعة أقفاص الفاكهة والمقاعد والترابيزات باستخدام جريد النخيل. تضم القرية أكثر من 100 ورشة وحوالي 4000 عامل، إلى جانب السائقين والعمال المساعدين. يعمل الأهالي على تعليم أبنائهم هذه الحرفة خلال الإجازة الصيفية، حفاظًا على الإرث الصناعي للقرية.

وفي هذا الصدد أشار الحاج شوقي عرام، صاحب ورشة في إمياي، إلى تنوع أنواع الجريد المستخدم في الصناعة مثل الصعيدي، الجيزاوي، والدمياطي. يمر الجريد بعملية تجهيز تبدأ بإزالة الأوراق، ثم تسوية الخوص وربط الجريد وتعتيقه لفترات تختلف حسب الطقس. العمال يعتمدون على القوة البدنية ويعملون من الفجر حتى المساء بنظام الطريحة، حيث يتم الحساب أسبوعيًا.

التحديات والآمال للمحافظة على الإرث

تواجه هذه الصناعات التراثية في القليوبية خطر الانقراض بسبب عدة عوامل، منها تراجع أعداد العاملين فيها، وارتفاع تكاليف المواد الخام، وتغير أنماط الاستهلاك. ومع ذلك، يظل الأمل معقودًا على جهود الحرفيين وأبناء القرى للحفاظ على هذا التراث الغني، الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من هوية القليوبية وتاريخها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى