تاريخ ومزارات

أسرار قلعة عمان: تاريخ ممتد من العصور القديمة إلى الحضارة الإسلامية

تتربع قلعة عمان على جبل القلعة الذي يحمل بين أركانه تاريخًا طويلًا وحافلًا. هذا الجبل، الذي يعد أحد أبرز معالم الأردن الأثرية، كان محاطًا بسور عالٍ وضخم. ولا تزال بعض أجزائه قائمة في الجهة الشمالية الغربية. ليشهد على ماضيه العريق. أما أبراج المراقبة التي كانت تعلو هذا السور، فقد بلغ ارتفاعها نحو عشرة أمتار، ما يؤكد أهمية الجبل العسكرية والاستراتيجية.

كما أن الحفريات الأثرية التي أجريت على جبل القلعة كشفت عن آثار تعود إلى عدة عصور تاريخية. منها العصر البرونزي المتوسط، والعصر الحديدي، والهيلينستي، والروماني، وصولًا إلى العصر الإسلامي. وتعد هذه الحقب دليلاً واضحًا على الدور المحوري الذي لعبته القلعة في تاريخ المنطقة.

أبرز معالم قلعة عمان

من أهم المعالم التي لا تزال قائمة على هذا الجبل هي هيكل هرقل الذي يقع في الجهة الجنوبية. بناه الإمبراطور الروماني أويليوس. وكان يتصدر مدخله تمثال ضخم للإله هرقل، الذي يقال إن الهيكل خصص له. وما زالت بقايا الهيكل تحمل عبق التاريخ، إذ توجد عمودان من المرمر يبلغ ارتفاع كل منهما ثلاثين قدمًا، فيما يخضع الموقع حاليًا لبرنامج ترميم أعيد خلاله بناء بعض الأعمدة لاستعادة رونقه.

كما تضم القلعة كنيسة بيزنطية تعود إلى القرن السادس الميلادي، وهي شاهدة على الوجود المسيحي في تلك الحقبة. أما في الجهة الشمالية الغربية، فتوجد بقايا القصر الأموي الذي يتميز بتصميمه المعماري الفريد. القصر مربع الشكل ويتوسطه إيوان مصلّب كان يعلوه قبة، وتشير الدراسات إلى أن هذا القصر بني على أسس رومانية قديمة، إلا أن البناء الحالي يعود إلى العصر الأموي في القرن السادس أو السابع الميلادي.

بركة المياه

وفي هذا الصدد قال نصر البوسعيدي الباحث في تاريخ عمان، أن من أبرز الملامح الهندسية على جبل القلعة هي البركة المستديرة الواقعة بجانب القصر الأموي. حفرت البركة في الصخر وكانت تستخدم لجمع مياه الأمطار في الشتاء، لتكون مصدرًا مائيًا رئيسيًا لسكان القلعة، مما يعكس البراعة الهندسية لسكان تلك العصور في تلبية احتياجاتهم اليومية.

كنز تاريخي يروي حكايات لا تنتهي

كما أن جبل القلعة ليس مجرد موقع أثري، بل هو سجل حيّ يروي تفاصيل الحضارات التي تعاقبت عليه، ليبقى رمزًا للصمود والتاريخ المتجذر في قلب عمّان. زيارة هذا المكان تفتح أبوابًا نحو الماضي وتحيي إرثًا يستحق الفخر والحفاظ عليه للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى