قبيلة الخلط: تاريخ عريق وأصول عربية ممتدة عبر القرون
تعد قبيلة الخلط واحدة من القبائل العربية ذات الجذور التاريخية العميقة، والتي تعود أصولها إلى شعب جشم من بني هلال. كما استقرت هذه القبيلة في مناطق تمتد بين مدينتي القصر الكبير والعرائش وقرية عرباوة. وفقًا للمؤرخ عبد الوهاب بن منصور، فإن قبيلة الخلط تنحدر من بني المنتفق من بني عامر بن عقيل بن كعب، وقد ارتبطت تاريخيًا بالقرامطة في البحرين قبل أن تهاجر إلى مصر ثم إفريقيا. لاحقًا، استقرت في المغرب الأقصى، حيث نقلهم الخليفة يعقوب المنصور الموحدي إلى سهول تامسنا.
رحلة طويلة وصراعات مستمرة
تميزت قبيلة الخلط بمراحل حافلة بالصراعات والفتن، خاصة مع سلاطين الموحدين وبني مرين، حتى استقروا أخيرًا في مناطق الغرب، مختلطين مع قبيلة طليق. وتمتد أراضيهم بين وادي مكرول في الشمال ومرتفعات جبل العلم حتى المحيط الأطلسي، متاخمة لمدينتي العرائش والقصر الكبير.
تنقسم قبيلة الخلط لغويًا بين العرب والجبالة، حيث استعرب الجبليون مع مرور الزمن. ويرتبط القسم العربي بأصوله من بني هلال القادمين من الجزيرة العربية، بينما يعود القسم الجبلي إلى قبائل غمارة.
دور سياسي وعسكري بارز
لعبت قبيلة الخلط دورًا مهمًا في التاريخ السياسي والعسكري للمغرب، خاصة في عهد الدولة المرينية، حيث كان أفراد القبيلة من رجال المخزن. واستمرت مشاركتهم في الدولة العلوية حتى أوائل القرن العشرين. وكانت القبيلة تُقسَّم إلى بطون كبرى أبرزها “أولاد أحمد”، مع مداشر مثل البدور، أولاد عمران، والسواهلة.
أعلام قبيلة الخلط
برع العديد من أبناء القبيلة عبر التاريخ، ومنهم الشيخ سيدي الحاج عبد السلام، والشيخ سيدي العربي بن زروال، والشيخ سيدي مبارك بن عمران، الذين تركوا بصمات واضحة في الحياة الدينية والاجتماعية.
الخلط في المصادر التاريخية
تناول المؤرخون قبيلة الخلط بإسهاب، حيث وصفهم الناصري في “الاستقصا” كجزء من بني هلال الذين نقلهم المنصور الموحدي من تونس وليبيا إلى المغرب. وأشار إلى أن القبيلة تميزت بقدرتها العسكرية وولائها للدولة السعدية، خاصة خلال معركة وادي المخازن.
وفي هذا الصدد أكد ابن خلدون في تاريخه أن الخلط ينحدرون من بني المنتفق، وقد شكلوا قوة عسكرية بارزة خلال العصر الموحدي، حيث لعبوا أدوارًا محورية في دعم الخليفة المأمون. لاحقًا، انتقلت رئاستهم إلى بيت بني مهلهل في عهد بني مرين، واستمر تأثيرهم إلى أن أضعفهم الترف والخصب.
تراجع وتأثير مستمر
فقدت قبيلة الخلط مكانتها العسكرية وتحولت إلى قبيلة غارمة تدفع الضرائب. ورغم ذلك، فإنها لم تفقد هويتها العربية وجذورها العريقة. ويذكر الناصري أن الخليفة محمد بن عبد الرحمن أعاد توظيفهم في الجندية في القرن التاسع عشر، لكن وضعهم سرعان ما تدهور مرة أخرى.