حوارات و تقارير

بعد خطبة الجولاني.. كل ما تريد معرفته عن تاريخ المسجد الأموي في دمشق

أميرة جادو

في ظل تسارع الأحداث في سوريا، ألقى قائد “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) كلمة في المساجد السورية، ومن ضمنها المسجد الأموي في دمشق. هذا الخطاب جاء في وقت حساس للغاية، وهو ليس فقط من أعرق المعالم الدينية في العالم الإسلامي، بل أيضًا من أقدم وأهم الرموز التاريخية التي شهدت محطات حاسمة في التاريخ العربي والإسلامي. فماذا عن تاريخ هذا المسجد العريق وأهميته في ذاكرة الأمة؟

تاريخ مسجد بني أمية الكبير

يعرف جامع بني أمية الكبير، بـ “الجامع الأموي”، هو واحد من أروع المساجد في العالم الإسلامي. أمر ببنائه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في عام 705م، ليكون صرحًا معماريًا مهيبًا في قلب مدينة دمشق. ويعد الجامع الأموي رابع أشهر المساجد الإسلامية بعد حرمي مكة والمدينة والمسجد الأقصى. وعلاوة على  ذلك، يعتبر الجامع واحدًا من أفخم المساجد الإسلامية وأحد عجائب الإسلام السبعة في العالم، نظرًا لجماله المعماري وروعة تفاصيله.

تصميم الجامع

والجدير بالإشارة أن بناء المسجد الأموي بدأ في 705م، واستعان الوليد بن عبد الملك بفنانين وصنّاع من مختلف الأقطار لتزيين المسجد، حيث جلب فنانين من فارس والهند. كما أوفد إمبراطور بيزنطة مئة فنان يوناني للمشاركة في تزيين المسجد. وتستمر إشادات المؤرخين والرحالة عبر العصور. الذين أشادوا بزينة سقف المسجد وجدرانه الفسيفسائية الملونة، وكذلك الرخام الفاخر المستخدم في البناء.

وعلى الرغم من أن بعض هذه الزخارف قد تم طمسها بناءً على فتاوى دينية، إلا أن هذه الزينة أعيد اكتشافها وترميمها في عام 1928. ما أتاح للجميع فرصة العودة إلى الجمال المعماري الأصلي لهذا الصرح التاريخي. وقد وصف المؤرخ فيليب حتي هذه الزخارف بأنها تمثل الصناعة السورية الأصلية وليست الفن اليوناني أو البيزنطي كما اعتقد سابقًا.

خصائص معمارية فريدة

كما يعتبر المسجد الأموي أول مسجد يظهر فيه المحراب والحنية، وهي ميزة كانت ناتجة عن طراز بناءه الذي كان في الأصل كنيسة يوحنا المعمدان. هذا التعديل المعماري لم يكن مجرد إضافة زخرفية، بل كان يحمل دلالات دينية وثقافية هامة. أما المئذنة الشمالية، فهي أقدم المآذن الثلاث التي تعود إلى عهد الوليد بن عبد الملك، كما تعتبر جزءًا من معالم مدينة دمشق. تم استخدام هذه المئذنة أيضًا منارةً لمدينة دمشق. وكانت تلعب دورًا مهمًا في التوجيه الروحي خلال القرون الوسطى، حيث كانت مخصصة للتأمل والصلاة.

كما تعرف المئذنة بكونها نموذجًا معماريًا انتشر لاحقًا إلى باقي أنحاء سوريا وشمال أفريقيا والأندلس. وهو ما يدل على تأثير هذا المعلم التاريخي في تطور العمارة الإسلامية في تلك المناطق.

الأهمية التاريخية

ويشار إلى الجامع الأموي يتضمن على العديد من المعالم التاريخية المهمة. أبرزها المدفن الذي يضم جسد يوحنا المعمدان (النبي يحيى)، نسيب المسيح عيسى عليه السلام. هذه الميزة جعلت الجامع الأموي محطةً هامة للحجاج والزوار من مختلف الأديان. ورغم الطابع الإسلامي الواضح للمسجد. فقد تركت فيه بعض الآثار المسيحية مثل جرن العماد ونقش باليونانية في مدح المسيح، مما يعكس التنوع الديني والثقافي في دمشق على مر العصور.

وفضلًا عن ذلك، يحتفظ المسجد بموقعه التاريخي كحاضن لرأس الحسين بن علي بعد أن حمل إلى دمشق، وهو ما يجعل المسجد الأموي أحد أبرز الرموز التي تشهد على أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي. كما ألحق بالمسجد مقبرة تضم رفات صلاح الدين الأيوبي. الذي كان له دور كبير في تحرير القدس. مما يزيد من أهمية هذا المكان كموقع مقدس يحمل إرثًا تاريخيًا ودينيًا عميقًا.

والجدير بالذكر أن الجامع الأموي ليس مجرد مسجد. بل هو رمز حضاري وتاريخي يعكس تطور العمارة الإسلامية ويحتفظ بذكريات هامة من تاريخ المنطقة. في الوقت الذي يتسارع فيه تطور الأحداث في سوريا. ويعد شاهدًا على عراقة هذه الأرض وحضارتها التي تمتد لقرون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى