قبائل و عائلات

من هم فرسان العرب الثلاثة عند القبائل في الجاهلية ؟

أسماء صبحي 

الفروسية عند العرب هي واحدة من القيم النبيلة التي تفتخر بها القبائل وتتفاضل بها عن غيرها. ومن المعروف أن لكل عصر فرسانه المشهورين، وفي العصر الجاهلي كان الفرسان: بسطام بن قيس، وعامر بن الطفيل، وعتيبة بن الحارث. هم أصحاب الصيت الذائع فقد اشتهروا بفروسيتهم ورباطة جأشهم وشجاعتهم.

بسطام بن قيس

هو بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس بن خالد الشيباني، فارس بكر. وهو من الفرسان المشهورين في الجاهلية بفروسيتهم وشجاعتهم. وقد كانت الأخبار عن غزوه للقبائل الأخرى وتغلّبه عليهم كثيرة ومتعددة، وكلها تدل على فروسيته وشجاعته التي كان يشار إليها بالبنان في ذلك الزمن. ومما ورد أنه أغار على بني يربوع من قبيلة تميم، وأخذ ما عندهم من نَعَم. وعندما كرّ عائدًا لحقه عدد من الفرسان وتمكّن من قتلهم.

تمكّن بسطام من أسر بجير بن أبي مليل وغيره من الأسرى. فكان من الأسرى أن أقنعوا بسطام بإطلاق سراحهم مقابل أن يخبروه عن مكان أبي مليل، فوافق. ولما تمكن بسطام القيسي من أسر أبي مليل، ما كان من أبي مليل إلا أن أضرب عن الطعام بعد أن علم بمقتل ابنه بجير على يد بسطام. فخاف بسطام أن يموت أبو مليل من الجوع ففكّ وثاقه وأطلق سراحه. شرط ألّا يطلب أبو مليل فدية دم ابنه بجير الذي قتله بسطام.

قتل بسطام

ممّا يروى عن بسطام بن قيس أنّه الفارس الذي قتله غروره. ولعلّ ما وصل إليه من شهرة وصيت في الفروسية جعله يغتر بنفسه وبمكانته العالية بين القبائل. حتى جاء يوم الشقيقة، وهو اليوم الذي قتل فيه بسطام، وسبب مقتله أنه غزا بني الضبة مع اثنين من أصدقائه. ورأى في أحد مواقعها من النعم ما هو كثير ووفير، وأراد أن يتمكن منها. إلا أن واحدًا من الفرسان الذين كانوا معه في الغزو تطير له. وقال إنّ بسطام بن قيس سيكون أول من يقتل في هذا الغزو. ونصحه بأن يعود عنه، إلا أن الفارس المغوار لم يستجب للكلام.

بالفعل تمكّن من أخذ الإبل، إلا أن بني ضبة لم يرضوا بهذا المكر. فاجتمعوا وحاولوا اللحاق بإبلهم، وكان فحل الإبل أعور العين. فما كان من مالك بن المنتفق الضبي صاحب الإبل إلا أن أمر فحل الإبل أن يشذ عن المسير، ففعل. وبدأت النوق بالللحاق به، فصار بسطام يعقر كل ناقة تشذ عن المسير.

أغضب هذا الأمر بني الضبة، وانتهى الأمر بأن جاء فارس اسمه عاصم بن خليفة الصباحي من بني ثعلبة. وكان يعرف بضعف عقله، ويرونه القوم دائمًا يعقب قناة له. وكلما سألوه: ماذا ستفعل بها؟ يجيبهم: إنّه سيقتل بها بسطام بن قيس. ثم ركب عاصم فرسه، وطعن بسطامَ في أذنه وأنفذ الطعنة من الجهة الأخرى. فخر بسطام ميتًا، وهرب من تبقى من بني شيبان وتركوا النعم حرة طليقة.

عامر بن الطفيل أحد فرسان القبائل العربية 

هو عامر بن الطفيل بن جعفر بن مالك بن كلاب العامري، فارس وشاعر جاهلي من قبيلة هوزان. وهو فارس بني قيس، وممّا يروى عنه أنه كان أعوراً عقيما لا ولد له، وهو ابن عم الشاعر لبيد بن ربيعة. وكان عامر بن الطفيل يكنى بأبي علي، وكان له فرس اسمه المزنوق. ومن أخباره أيضًا أن والده كان فارس القرزل، وذلك مما ورد في شعر بعض الشعراء عن عامر بن الطفيل.

كان موقع قبيلة هوزان في وسط نجد، وكانت تحيط بها القبائل من كل الجهات. ولعل هذا الموقع الجغرافي هو السبب في زيادة الاحتكاك بينها وبين القبائل الأخرى. مما أدّى إلى كثرة الحروب والغزوات. وكان عامر بن الطفيل في كل هذه الحروب هو الفارس الشجاع المغوار الذي يظهر بسالة وقوة لا نظير لهما. وكثيرة هي أخباره في الحروب والغزوات.

أدرك عامر بن الطفيل الإسلام، وكان في قصة موته عبرة وعظة كبيرة تدل على أن الشجاعة لا تنفع صاحبها أمام قدرة الله. وكان الطفيل قد نوى أن يقاتل الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-. ولما وفد إلى النبي مع صحبه وكانت نيته الغدر، لم يتمكن من الأمر. وابتلاه الله تعالي في طريق عودته إلى قبيلته بوباء الطاعون، وصار يثب وينزو في السماء حتى صعدت روحه ومات. وما كان من قبيلته إلا أن نصبوا عليه أنصابًا وجعلوها حمى حول قبره. خشية أن ينتقل ما أصابه من طاعون إلى من يمر بالقرب من قبره من بشر أو مواشي.

عتيبة بن الحارث التميمي أشهر فرسان القبائل العربية 

هو عتيبة بن الحارث بن شهاب التميمي، شاعر وفارس من فرسان العصر الجاهلي. ويعرف عنه أنه فارس بني تميم، ومما كان يلقّب به عتيبة بن الحارث أنه سم الفرسان، وصياد الفوارس.

إنّ الألقاب التي أطلقت على عتيبة بن الحارث تدل أعظم دلالة على فروسيته وشجاعته. فهو الذي يمكنه التغلب على الفرسان والنيل منهم، وهذا أمر فيه مفخرة كبيرة للعرب في ذلك الزمان. وقد تحدث الكثير من العلماء والمؤرخين عن فروسية عتيبة بن الحارث. ومنه ما قاله أبو هلال العسكري في كتابه جمهرة الأمثال عن عتيبة. “كانوا يقولون إنّه لو سقط القمر من السماء لما التقطه غير عتيبة بن الحارث”. إضافة إلى أبيات من شعر المدح نظمها الشعراء يمدحون فيها فروسية عتيبة بن الحارث التميمي. ويمجدون بطولاته وشجاعته.

ممّا ورد عن موت عتيبة بن الحارث أنه قتل على يد رجل اسمه ذؤاب بن ربيعة بن عبيد. ومع أنه كان فارسًا شجاعًا ومغوارًا، إلا أنه لم يسمع عنه من الشعر إلا القليل. أظهر فيه اهتمامه بأمور القتال والنزاع والشجاعة وما يتصل بالفروسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى