عادات و تقاليد

العزاء في عمان: تقاليد وممارسات تعكس التضامن الاجتماعي

أسماء صبحي 

تعتبر عادات العزاء في عمان من التقاليد العميقة التي تحمل معاني اجتماعية ودينية كبيرة. حيث تشكل هذه المراسم جزءاً أساسياً من نسيج الحياة العمانية. وهذه العادات التي تنظم بشكل جماعي، تتسم بالاحترام والتعاطف. كما تعكس القيم الاجتماعية التي تميز المجتمع العماني.

بيت العزاء في عمان

في سلطنة عمان، يبدأ العزاء بتجهيز “بيت العزاء” الذي يعد مكانًا رئيسيًا لتقديم التعازي. زيتم تزيين هذا البيت وتقديم وسائل الراحة للزوار، حيث يستقبل المعزون بحفاوة. يتم تقديم الشاي العماني التقليدي والقهوة، إلى جانب الأطعمة العمانية مثل “الهريس” و”الخبيص” وهي أطباق تحضر خصيصًا للمناسبات. كما تستمر هذه الاجتماعات لعدة أيام حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لتبادل العزاء والدعاء للمتوفى.

وأثناء فترة العزاء، تتم تلاوة القرآن الكريم في المكان. حيث يعتبر ذلك جزءًا من التعبير عن الحزن والتوسل بالرحمة للمتوفى. ويشجع الجميع على الدعاء والذكر، بينما يحتفظ الجو العام بالسكينة والاحترام. كما يعتبر هذا الفعل بمثابة دعم معنوي للعائلة الحزينة، حيث يكون العزاء الروحي جزءًا لا يتجزأ من عملية التخفيف عن الألم.

التضامن الاجتماعي

ويتجاوز العزاء في السلطنة كونه مجرد مناسبة دينية أو اجتماعية، بل هو تعبير عن التضامن الاجتماعي بين الأفراد. حيث يتجمع الناس من مختلف المناطق والأسر لتقديم العزاء والمشاركة في تخفيف الحزن. كما يلعب هذا التجمع دورًا هامًا في تعزيز الروابط العائلية والقبلية. حيث يظهر الجميع التكاتف والتضامن مما يخفف من وطأة الفقد ويجعل العائلة تشعر بالدعم الجماعي.

وتتميز عادات العزاء بالاحترام والوقار، حيث يمنع إظهار الحزن بطريقة صاخبة أو غير لائقة. كما يحرص المجتمع العماني على الحفاظ على الهدوء والسكينة في هذه الأوقات. مع الابتعاد عن التصرفات التي قد تُعتبر مسيئة أو غير مناسبة في مثل هذه اللحظات. وتعتبر هذه الممارسات جزءًا من الحفاظ على كرامة العائلة واحترام الراحل في ذات الوقت.

تعزيز الثقافة العمانية

العزاء في عمان ليس فقط مناسبة دينية أو اجتماعية، بل هو أيضًا تعبير عن الثقافة العمانية المترسخة في القيم الإنسانية مثل الاحترام والتكافل. يعكس هذا التقليد الأصالة العمانية في تقديم الدعم والعزاء بطريقة تعزز الروابط الإنسانية في المجتمع.

ويقول الدكتور سعيد بن هلال الهنائي، الباحث الاجتماعي العماني، إن العزاء في السلطنة ليس مجرد طقوس دينية، بل هو تجسيد عميق لمفهوم التضامن والتكاتف الاجتماعي بين الأفراد. مما يعزز الروابط العائلية ويُسهم في تخفيف الألم على أهل الفقيد. كما يشير إلى أن هذه العادات تحمل رسائل ثقافية واجتماعية تؤكد على أهمية التماسك الاجتماعي في مواجهة التحديات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى