بازار عباس في بورسعيد: عبق التاريخ وروعة التراث

حين تخطو أولى خطواتك داخل بورسعيد، تأخذك أجواؤها برائحة التاريخ وعبقه الذي يتغلغل في تفاصيل المدينة. تمتاز بورسعيد بطابع معماري فريد يعكس عراقة وأصالة تراثها، وتنبض شوارعها ومبانيها، خصوصًا القديمة، بجمال يروي حكايات ثقافات مرت عليها عبر العصور. ومن بين المعالم التي تشهد على هذا الإرث التاريخي، يأتي “بازار عباس” كأحد أقدم الأسواق في المدينة وأبرز رموزها التراثية.
تاريخ بازار عباس في بورسعيد
يعود تاريخ إنشاء “بازار عباس” إلى عام 1891، حيث يمتد عمره إلى 125 عامًا، ومع ذلك لم تفقد ملامحه التراثية بريقها، بل ازدادت جمالًا مع مرور الزمن. يبرز مدخل البازار شامخًا، مزينًا ببوابة فخمة تحمل اسم “سوق عباس” باللغتين العربية والإنجليزية، وقد بني البازار من الحجر ليظل صامدًا أمام تقلبات الزمن.
صنعت أرضيات “بازار عباس” من صخور البازلت، وتم تصميم جوانب الشارع بمصارف مياه الأمطار التي تضفي لمعانًا وفخامة على المكان. فوق أجوائه يحلق الحمام منذ زمن بعيد، مما يضيف للمبنى رونقًا من الجمال والبركة، ليصبح مقصدًا للفنانين والمبدعين وأصحاب الذوق الرفيع من بورسعيد ومختلف أنحاء مصر.
استقطب “بازار عباس” عبر تاريخه الباشوات وكبار التجار والسياح من شتى دول العالم، إلى جانب سكان المدينة البسطاء الذين كانوا رمزًا للنظافة والاحترام. من بين الأسماء التي عرفت في أروقة السوق كان “عبد الرحمن لطفي باشا”، الذي كان يصل بالبازار على متن حنطوره الخاص ليحصل على احتياجات منزله.
ظهرت في السوق أيضًا مهنة “البورتال”، التي تمثل جزءًا من التراث، حيث يقوم رجل بحمل المشتريات وتسليمها لأصحابها مقابل أجر بسيط. كما شهد السوق مرور شخصيات مميزة مثل مستر “باك”، صاحب المطعم الكوري، الذي كان يحرص على اختيار أفضل الخضروات والأسماك بنفسه ليقدمها لزبائنه بطريقة فريدة.
أما “عم شحاتة البهنسي”، فكان شخصية مميزة في السوق، حيث عرف بإطعامه لحيوانات الشوارع والحمام بما يجود به الله عليه، ليضيف لمسة إنسانية تجعل من “بازار عباس” مكانًا ينبض بالحياة.