زبيد: قبيلة قحطانية تجمع بين التاريخ العريق والانتشار الواسع
تعد زبيد واحدة من أعرق العشائر القحطانية التي تميزت بتاريخ طويل وحافل. هاجرت مع الفتح الإسلامي من اليمن إلى العراق ثم انتقلت إلى بلاد الشام ومصر وشمال إفريقيا والأندلس، ولكنها احتفظت بفرع كبير في شبه الجزيرة العربية. ووفقًا للمؤرخين، فإن زبيد وصلت إلى العراق وبلاد الشام بقيادة أميرها عبد الله بن جرير البجلي، ومعها عشائر مزجج وبجيلة، حيث قدمت الكثير من البطولات والتضحيات، وكان من بين أبرز شخصياتها القائد عمر بن معدى كرب الذي استشهد في معركة نهاوند، وما يزال قبره حتى اليوم يعد مزارًا للمسلمين.
يروي “لسان العرب” أن زبيد هي قبيلة يمنية، وقد أطلق جدها سعد العشيرة اسم زبيد عليها بعدما أنجب مائة من الأبناء والأحفاد، فكان يجيب عند سؤاله عنهم قائلاً: هؤلاء عشيرتي. لاحقًا، انقسمت زبيد إلى قسمين: زبيد الكبرى وهم أبناء سعد، وزبيد الصغرى وهم أبناء منيه الأصغر بن ربيعة، ومن أبرز شخصياتهم عمرو بن معدى كرب الذي ذكره المؤرخون.
في أواخر القرن السابع عشر، أسست عشيرة زبيد إمارة لها في منطقة الصويرة في العراق (محافظة واسط – كوت)، وكان من أبرز أمرائها الشيخ وادي الذي اشتهر بكرمه وكان يعد من كبار أمراء العرب. وفي القرن التاسع عشر، توسعت رئاسة زبيد في نسل الشيخ وادي وصار العديد من العشائر ينضمون إليها وتعتبرها جزءًا منها، فامتد نفوذها من بغداد إلى حدود الخزاعل.
اليوم، تنقسم زبيد إلى ثلاث عشائر رئيسية هي: البو سلطان والسعيد والجحيش، وكل واحدة من هذه العشائر تعتبر كيانًا مستقلًا، رغم وجود بعض الروابط المشتركة. وهناك العديد من العشائر الأخرى التي تُحسب على زبيد، مثل: البيكات التي تنتمي في الأصل إلى عشائر طيء، وعشيرة الشمامطة التي تنحدر من عشائر جبور الواوي، وعشيرة البو نعيم التي هي من أصل السادة النعيم، بالإضافة إلى عشائر البو خضر، البو عامر (التي تنتمي إلى البو عامر الطائية)، والمواهبة، وعشيرة الكطيمات التي تعود إلى طيء، وعشيرة الديلم، وعشيرة البو صالح التي تنحدر من عشائر تميم، وأخيرًا عشيرة بني رحاب التي تعتبر من عشائر بني ركاب العدنانية.
تاريخ زبيد يمتد عبر العصور، وتظل هذه العشيرة من أبرز العشائر العربية التي ساهمت في تشكيل الأحداث التاريخية والإسهام في مختلف المجالات الثقافية والسياسية.