الخازني: عبقري الفيزياء الذي سبق عصره بخمسة قرون
عبد الرحمن أبو الفتح الخازني، أحد أبرز العلماء في تاريخ الحضارة الإسلامية، عاش في مدينة مرو وبرز في خدمة سنجر بن ملكشاه، آخر سلاطين السلاجقة، الذي حكم خلال فترة حافلة بالأحداث من عام 1118 حتى 1157م، حيث شهدت حكمه انتكاسات عديدة، من بينها خسارة بلاد ما بين النهرين وأسره على يد قبائل الغُز.
كان الخازني فيزيائيًا مبدعًا وعالمًا لامعًا في الفلك والهندسة، قدم إسهامات رائدة في علم الحركة. تميز بمهارته الفائقة في قياس وزن الأجسام سواء في الهواء أو في الماء، وهو المجال الذي تفوق فيه على علماء الغرب بقرون، ومنهم توريتشيللي الذي جاء بعده بوقت طويل. وفي أبحاثه عن الكثافة العظمى للماء عند مركز الأرض، سبق العالم الإنجليزي روجر بيكون بقرنين، كما اكتشف أن قاعدة أرخميدس لا تقتصر على السوائل فقط بل تشمل الغازات أيضًا، مما جعله أحد العلماء الذين أثروا في تطور العلوم الفيزيائية.
ويعتبر العديد من العلماء اليوم أن ابتكارات الخازني وأبحاثه في مجال الكثافة والغازات قد مهدت الطريق للعالم غاليلو لتطوير الترموميتر، حيث تُظهر كتاباته تصورات متقدمة عن العلوم الحرارية التي لم تكن معروفة بعد في أوروبا.
من أبرز مؤلفات الخازني كتاب “الزيج المعتبر السنجري”، بالإضافة إلى عمله الرائد “ميزان الحكمة”، الذي كان يعتبر مرجعًا فريدًا في ذلك العصر. وفي نهاية القرن التاسع عشر، عثر السفير الروسي في طهران على النسخة الوحيدة المتبقية من هذا الكتاب، ليعيد إحياء إرث الخازني ويكشف للعالم عن إبداعاته وسبق أبحاثه في علوم الطبيعة