تاريخ ومزارات

اعرف حكاية أول مرصد فلكي في العالم كان مصريا

أولى المصريون القدماء مكانة خاصة لمدينة «منف» المصرية القديمة – البدرشين حاليا، حتى أنها كانت مكان أول مرصد فلكي في مصر القديمة والعالم، وكان للفلك مكانة خاصة ضمن العلوم المصرية القديمة، فكما عاش الملوك على الأرض في حياتهم، كانوا يعتقدون أن السماء هي مكان حياتهم الأخرى وكأن كل نجمة بالسماء هي روح ملك يجب تقديسها للأبد.

أول مرصد فلكي

وقع الاختيار على هذا المكان لأسباب سياسية أكثر منها جغرافية، حيث تم استخدام جداول زمنية مختلفة تم تحديدها لرصد أول ظهور لنجمة «الشعرى» قبل شروق الشمس بعد غيابها لفترة طويلة وتعرف باسم «الاحتراق الشروقي»، في عدة مناطق مختلفة في مصر وكانت هذه الفكرة غير موفقة. ووفقا لكتاب «الفلك في مصر القديمة» لمؤلفه ماسيميليانو فرانشي وترجمة فاطمة فوزي، كان من الضروري إيجاد طريقة ثابتة ومصدر رسمي يتم من خلاله رصد حركة النجوم، وبالتالي وقع الاختيار على مدينة منف، التي كانت عاصمة لمصر في ذلك الوقت، لتصبح مكان أول مرصد فلكي ثابت في البلاد. وكان الهدف الأساسي من تحديد هذا المرصد هو مراقبة بداية ظهور نجمة الشعرى بعد غيابها الطويل، وكان لهذه النجمة مكانة خاصة لدى المصريين القدماء، وكان لها مكانة خاصة في مكان آخر في مصر وهو أسوان، تحديدا في جزيرة فيلة. وكانت مدينة فيلة هي منبع الأساطير للنيل، واشتركت المدينتين في أمور أخرى منها قياس مدى امتلاء وتدفق مياه النيل في أسوان ومنف، وكانت منف هي المدينة المعترف بها في البلاد، وتنقل نتائج الرصد لكل أنحاء مصر، ويعتقد أنه كان يتم إرسالها من خلال نظام مراسلة سريع بين المدن. وكتب أوليمبيودروس في تعليقه على كتاب «الشُهب» لأرسطو، في القرن السادس قبل الميلاد: “احتفل السكندريين بالاحتراق الشروقي للشعرى في الوقت الذي كان يظهر فيه في منف”.

النجم روح ملك

«النجوم هي أرواح الأموات» هذا ما اعتقده المصريين القدماء، حيث نقل ديودروس وبلوتارخ تقليدا يُعتقد فيه أن نجمة الشعرى هي رحلة روح إيزيس، ووصل إيمانهم بالنجوم والكوكبات لمحاولة فهمها بطريق بدائية.

اعتقد المصريين القدماء أن النجم القطبي الذي كان يسمى بنجم الثعبان في كوكبة التين هو نهاية المطاف للفرعون المتوفي، فضلا عن استخدامه كمرجع دقيق للقياس، وبحسب معتقداتهم كانت روح الفرعون تصعد إلى القبة السماوية المملوءة بالنجوم كنجم لا يفني. ثم تتحد روحه مع نجوم أخرى مثل الجبار أو الشعرى – وهي مجموعة الإشارات والدلالات الموجودة في نصوص الأهرامات والتي كانت سببا في وجود عقيدة دينية خاصة بالنجوم في مصر، ومع اقتراب ضوء النهار تختفي هذه النجوم ثم يولدون من جديد في المساء. تم اكتشاف ما يقرب من 70 نجما وتجمعا نجميا حددهم المصريين القدماء، في الوقت الحاضر، مثل نجم الثعبان في كوكبة التنين والنجم القطبي للكوكبة نفسها، أما باقي النجوم فلم يتم تحديدها بعد، يرجع هذا النقص في المعلومات لعدم توثيق المعلومات الفلكية بشكل كامل.

نجوم الشعرى

تعني كلمة الشعرى في اللغة المصرية القديمة (الحادة)، وترجع أهميتها إلى اقترانها بفيضان نهر النيل، وتعد تجسيدا للإلهة إيزيس، وبعد اختفائها لمدة 70 يوما كان النجم يعود من جديد قبل شروق الشمس بدقائق بالتزامن مع تدفق مياه النيل في نظام توزيع المياه على مصر بأكملها. ويعتقد أن تقويم العام تم وضعه (365 يوما) وفقا لأساس حركة نجمة الشعرى على مدار العام  وليس حركة الشمس، وارتبطت هذه النجمة بالإلهة إيزيس، ولها جدارية رسمت فيها على متن قارب يسبح في السماء.

الدب الأكبر

تخيل المصريين القدماء هذه المجموعة من النجوم على شكل حيوان «الثور»، وهو يحرس الأرض، ومن بعدهم تخيلها العرب على شكل نعش ولكن ظل شكل الثور هو السائد، حتى شبهها اليونانيون بالدب فشاع عنها اسم كوكبة الدب الأكبر. نجم «الإلية» أو «إبسلون الدب الأكبر» هو واحد من أكثر النجوم لمعانا في كوكبة الدب الأكبر وكان يستخدمه البحارة القدماء في الملاحة القديمة، وترتبط هذه الكوكبة بأسطورة حورس وسيت عندما قطع حورس ساق ست الأمامية في معركتهما، ثم رفع هذه الساق إلى السماء، بحسب معتقداتهم فإن رفعه الساق للسماء يعني حراستها من قبل الآلهة حتى لا تدخل عالم الآلهة.

كوكبة الجبار

كان قدماء المصريين يرسمونها في صورة حزام مكون من 3 نجوم، وبحسب معتقداتهم فإنها تجسيدا لملك مذكر، يحمل في يده الصولجان، والنجوم الثلاث هي التاج الذي يرتديه. تم ذكر كوكبة الجبار في النصوص الخاصة بالطقوس المتعلقة بالعبادات، حيث يُعم الملك المتوفي كوكبة الجبار ويدعوه أبو الآلهة، ويقال أنه أوزوريس والد الملك حورس.

أنثى فرس النهر

ترسم هذه الكوكبة من النجوم في صورة أنثى فرس النهر وهي تحمل تمساح فوق ظهرها، وعندما جسدها المصريين القدماء على الجداريات، دائما ما تم كتابة هذه الجملة فوق الصور المرسومة «إيزيس التي توازن ثقل مهرجان السماء». وترجع نظرية هذه التوازن إلى تخيلهم وجود حبل يربط هذه النجوم، وتصوروا أنه من الممكن ربطه بالميزان، ووفقا لبعض الباحثين، تم ربط اسم إيزيس باسم برج فرس النهر، خاصة أن كوكبة أنثى فرس النهر لم يتم التعرف على هويتها حتى الآن.

حركة النجوم

“كيف استطاع المصريين القدماء تحديد هذه النجوم؟” يتبادر هذا السؤال إلى ذهن الجميع خاصة مع عدم توافر أدوات الرصد الحيثية المستخدمة حاليا، ولكن الفراعنة اعتمدوا على أمر آخر وهو حركة النجوم. وانقسمت حركة النجوم إلى مجموعتين الأولى (أبدية الظهور) وهي لا تختفي من السماء طوال الليل، ونجوم أخرى تعرف بالـ(الكلل) وهي تختفي وتظهر مجددا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى