بول شاوول: صوت الأدب المتجدد ونبض الوعي الثقافي
وُلد الشاعر والناقد الأدبي بول شاوول في بلدة سن الفيل بالضاحية الشرقية لمدينة بيروت في لبنان. تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة الرسمية للقرية، ثم استكمل دراسته الثانوية في مدارس رسمية، قبل أن يلتحق بمدرسة قدموس الليلية الخاصة في بيروت. بعد ذلك، تابع شاوول دراسته الجامعية في كلية التربية بالجامعة اللبنانية، حيث انخرط بعمق في النشاط الطلابي منذ بداياته.
في الجامعة، برز شاوول كأحد مؤسسي حركة الوعي، وهي حركة طلابية تميزت باتجاهاتها التي تعكس التحديات اللبنانية والعربية دون تأثر بأيديولوجيات غربية أو شرقية. وقد نجحت الحركة في استقطاب طلاب من مختلف الجامعات والثانويات، لتصبح قوة فاعلة في الجامعة اللبنانية.
تجربة شاوول الأدبية بدأت في فترة دراسته، حيث عمل مترجمًا للأفلام السينمائية الغربية، كما درّس في معهد الشرق بسن الفيل. بعد تخرجه، انطلق شاوول في مجال الصحافة الأدبية، فعمل في النهار العربي والدولي، ثم تولى مسؤولية القسم الثقافي في مجلة المستقبل، وشارك في العديد من المؤتمرات الثقافية العربية والدولية، وعمل كذلك في مجلتي “الفكر العربي” و”الفكر العربي المعاصر”.
أسهم شاوول في الأعمال السينمائية والتلفزيونية اللبنانية، حيث كتب حوار فيلم “بيروت يا بيروت” لمارون بغدادي، وسيناريو المسلسل التلفزيوني “الخيانة” من إخراج سمير نصري، وكتب أيضًا حوار مسلسل “السنوات الضائعة”. إلى جانب ذلك، اقتبس مسرحيًا “مذكرات مجنون” للكاتب غوغول.
وبالإضافة إلى حبه للأدب العربي، تأثر شاوول بالشعر الفرنسي، فقرأ لكبار الشعراء الفرنسيين والألمان، حتى أخرج كتابه “الشعر الفرنسي الحديث” عام 1980، ليركز اهتمامه على الشعر الفرنسي الذي كان له صدى واسع في مسيرته. كما تابع شاوول الشعر العربي الحديث، وتوقف عند شخصيات بارزة مثل سعيد عقل وصلاح لبكي والياس أبو شبكة وأمين نخلة ومحمد الماغوط وأنسي الحاج.
أثرى شاوول المكتبة الأدبية بالعديد من أعماله الشعرية، منها “أيها الطاعن في الموت” (1974)، “بوصلة الدم” (1977)، “وجه لا يسقط ولا يصل” (1981)، “ميتة تذكارية” (1984)، “الهواء الشاغر” (1985)، و”موت نرسيس” (1990). وفي مجال الدراسات، أصدر “علامات من الثقافة المغربية الحديثة” (1979)، و”المسرح العربي الحديث” (1989).
بول شاوول يعد واحدًا من أبرز الأسماء التي جمعت بين الحس الأدبي العميق والوعي الثقافي، وقد ساهمت أعماله في رسم مسار الأدب اللبناني الحديث وفتحت آفاقًا جديدة للإبداع