حوارات و تقارير

إسرائيل تُصعّد وتُلغي اتفاقية مع الأونروا: تحدٍ للقانون الدولي وأزمة إنسانية تلوح في الأفق

أعلنت إسرائيل رسميًا إنهاء الاتفاقية التي تنظم علاقتها مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي اتفاقية كانت قد وُقعت منذ عام 1967. جاء هذا القرار عبر بيان رسمي من وزارة الخارجية الإسرائيلية، بتوجيه من وزير الخارجية يسرائيل كاتس، الذي أخطر الأمم المتحدة بهذا القرار، في خطوة تعد تصعيدًا كبيرًا ضمن حملتها ضد الوكالة الأممية في إطار الأحداث المتصاعدة في قطاع غزة.

وفي هذا السياق، يرى أحمد التايب، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أن قرار إسرائيل بقطع العلاقات مع الأونروا يمثل تحديًا صارخًا للقانون الدولي واستخفافًا بجهود الأمم المتحدة. فقد أُنشئت الأونروا في عام 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتوفير المساعدات الإنسانية والحماية للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا، مما يجعل قرار إلغاء الاتفاقية يهدف إلى تقويض أي دور للأونروا في دعم اللاجئين الفلسطينيين.

وأشار التايب إلى أن توجهات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باتت واضحة في سعيه المستمر لتنفيذ مخططاته الرامية لتفريغ قضية اللاجئين من محتواها، خاصة مع التركيز على القضاء على الأونروا كشاهد على معاناة الفلسطينيين في غزة، وذلك بالتزامن مع الهجمات المتكررة وتدمير البنية التحتية الفلسطينية.

ومع التصعيد المستمر، يتساءل التايب عن دور المجتمع الدولي ومجلس الأمن في مواجهة هذه الانتهاكات، حيث أشار إلى المادة 42 من الفصل السابع التي تسمح لمجلس الأمن باتخاذ تدابير ضرورية للحفاظ على الأمن والسلام الدوليين، متسائلًا لماذا يتم التعامل مع إسرائيل ككيان فوق القانون الدولي رغم الانتهاكات اليومية.

بدوره، برر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس هذا القرار بأن الأونروا “تشكل جزءًا من المشكلة وليست جزءًا من الحل”، معتبرًا أن بعض موظفي الوكالة قد يكونون مرتبطين بحركة حماس وفقًا لمزاعم إسرائيلية. وقد تصاعدت هذه الحملة ضد الوكالة منذ اندلاع الحرب في غزة، إذ تتهم إسرائيل موظفي الأونروا بالتورط في الهجمات الأخيرة، رغم أن التحقيقات الأممية لم تؤكد هذه المزاعم بشكل قطعي.

في الوقت ذاته، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العدوان على غزة 223 من موظفي الأونروا، إضافةً إلى تدمير مرافق ومنشآت الوكالة التي يعتمد عليها أكثر من 5 ملايين فلسطيني، الأمر الذي يؤدي إلى شلل شبه كامل في أنشطة الأونروا ويزيد من حدة الأزمة الإنسانية، خاصةً في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتواجه الأونروا تحديات متزايدة في تمويل برامجها الأساسية، لا سيما مع تقليص الدعم من بعض الدول الكبرى، مما يعقد من قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية، والتي يستفيد منها مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين.

وتعد اتفاقية عمل الأونروا في فلسطين إطارًا قانونيًا يحدد العلاقة بين الوكالة الأممية والسلطات الفلسطينية، بما يتيح للأونروا تقديم خدماتها الأساسية في المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، وهو دور حيوي يسهم في دعم الأسر الفقيرة عبر المساعدات الغذائية وتطوير البنية التحتية في مخيمات اللاجئين.

في ظل هذا التصعيد، تواصل الأونروا بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية تقديم خدمات التعليم لأكثر من نصف مليون طالب في مدارسها، إلى جانب العمل على تحسين المناهج وتطوير مهارات المعلمين، إلا أن هذه الجهود تواجه الآن تهديدًا حقيقيًا بعد إلغاء الاتفاقية من قبل إسرائيل، مما يلقي بظلال من الشك على مستقبل الدعم الدولي والإقليمي للاجئين الفلسطينيين في ظل الأزمات المتفاقمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى