الشيخ راتب الشوربجي عميد عائلات الشوربجي بمصر في حوار “ما قبل الرحيل” : تاريخنا كله في خدمة مصر وأهلها وحدودها
تصدينا لنابليون وشاركنا في كل حروب مصر
محمود حسن الشوربجي
«آل الشوربجى» عائلة كانت تحكم قلاع وحصون حربية ومدن عالمية، واحدة من أبرز العائلات المصرية العريقة، التى أنجبت الأبطال والقادة، وأنجبت أيضا فنانين وأدباء وعلماء، قدمت إلى مصر مع الدولة العثمانية، وتنتشر العائلة في عدة دول عربية وفي معظم محافظات مصر، وعائلة “الشوربجي” بمدينة العريش هي أحد فروع العائلة بالجمهورية، قدمت للوطن شهداء من أبنائها، وقدمت للفن عمالقة الفن، وأغلب أبنائها في القرى على مستوى الجمهورية عمداء بتلك القرى.
يرجع أصل هذه العائلة إلى مدينة ومحافظة أدنا “أطنا” الواقعة على شمال شرق البحر الأبيض المتوسط في جنوب تركيا، انتشر أبناؤها في عدة دول عربية ومحافظات مصرية عبر العصور منذ أن انطلقت من أحد أكبر مدن الدولة العثمانية، منذ أكثر من 400 عاما مضت، ويقطن أبنائها في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ومصر، كما انتشرت في محافظات ومدن جمهورية مصر العربية، وتحديدا في الشرقية والدقهلية والجيزة والبحيرة والغربية والإسكندرية والصعيد والعريش في شمال سيناء كما يتمركز أبناؤها في القاهرة بمنطقة إمبابة.
على ضفاف نهر سيحان أو «سيهان» كما يطلق عليه الأتراك، وفي هذه الأجواء المفعمة بالخضرة، وجمال الريف، مع الحركة الدؤوبة للتجارة الممزوجة بالنشاط الثقافي التي تمتاز به مدينة “أطنا” ولد وترعرع جد عائلة الشوربجي “إسماعيل”.
اهتم عدد من رواد العائلة والباحثين خلال سنوات مضت بالتقصي والبحث بعمق ودقة عن تاريخ هذه العائلة وإلى أي “جد” ينتمون ومن أين أتى؟، متخذين الأوراق والعقود الرسمية سبيل لهم.
وفي حوار خاص لمجلة صوت القبائل العربية والعائلات المصرية قبل الرحيل مع عميد عائلة الشوربجي، الحاج «راتب الشوربجي»، واسمه كاملا «راتب محمود سليمان طالب العيادي الشوربجي، المولود في 19 أغسطس سنة 1929م، أحد رموز عائلة الشوربجى وعميدها، يبلغ من العمر 91 عاما، وهو أحد أبناء سيناء الذين عملوا مع القوات المسلحة المصرية في الحروب التي خاضتها على أرض سيناء لعشرات السنوات، حيث كان آخر منصب حكومي له هو رئيس الأشغال العسكرية التابعة للقوات المسلحة بالعريش قبل 20 عاما، كما تقلد منصب عضو في مجلس المحلي بمدينة العريش منذ عام 1979 حتى 1988م، كما تقلد رئيس لجنة رعاية المهاجرين من سيناء بمحافظة الشرقية من سنة 1967 حتى 1979م، كما كان عضوا بلجنة استلام أملاك القوات المسلحة من الاحتلال الإسرائيلي، وتسلم استراحة رئيس الجمهورية ومبنى المخابرات الحربية ومطار العريش، وقرية مصفق، كما تقلد رئيس لجنة تسليم معسكرات القوات المسلحة في الجبهة من الإسماعيلية إلى بورسعيد في مدينة القنطرة، وفي محافظة الشرقية حصل على عضوية الاتحاد الإقليمي للجمعيات بالشرقية، ورئيس لجنة رعاية المهجرين، وعضو جمعية أبناء سيناء، ورئاسة لجنة أملاك القوات المسلحة بمحافظة الشرقية والدقهلية، كما كان مندوب لدى المخابرات الحربية من سنة 1959م حتى 1967م بشمال سيناء، وبعد استلام العريش من الاحتلال انضم إلى جهاز المخابرات العامة من سنة 1979 حتى 2010م.
ويعد من أبرز الشخصيات في شمال سيناء بعد استلام العريش من الاحتلال، وكان عضوا بارزا في عدة جمعيات خيرية وحكومية لاهتمامه بالحياة الاجتماعية، شارك في 4 حروب مع القوات المسلحة، حرب 48 و 56 و 67 و 73، وحصل على ميدالية الملك فاروق عام 1950م، وكذلك ميدالية الرئيس أنور السادات عام 1973م، وأوضح أنه خدم بالقوات المسلحة 46 عاما وحصل على شهادة تقدير من وزير الدفاع في عام 1994م حين خروجه على المعاش.
*بداية حدثنا عن أصول عائلة الشوربجي ونسبها؟
إنها إحدى عائلات مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء يرجع أصل العائلة إلى مدينة ومحافظة أدنا “أطنا” الواقعة على شمال شرق البحر الأبيض المتوسط جنوب تركيا، جد العائلة يلقب “بالجوربجي” لفظاً فقط حيث كان الأتراك ينطقون حرف “الشين” “جيم معطشة” فهم ينطقون “الشوربجي – الجوربجي” و “شاهين – جاهين” وظلت “الجوربجي” متوالية كتابة في المستندات والأوراق إلى عهد غير بعيد.
*كيف انتشرت عائلة الشوربجي بين الدول العربية والمحافظات المصرية؟
الدولة العثمانية بلغت في ذلك الوقت مبلغها من الاتساع فامتدت من بودابست على نهر الطونة شمالاً وجنوباً من نهر دجلة إلى حدود مراكش شرقاً وغرباً وشملت رومانيا والصرب والبلقان والبوسنة والهرسك والجبل الأسود وألبانيا واليونان في أوروبا وقبرص ورودس وكريت في البحر المتوسط وآسيا الصغرى والشام والعراق والحجاز واليمن ومصر والنوبة وبني غازي وطرابلس الغرب وتونس والجزائر في أفريقيا، كان الشوربجي حاكم مدينة “قولة” من قبل الدولة العثمانية قبيل سنة 1769م حيث كانت “قولة” أحد الموانئ الصغيرة التي على الحدود بين ترافية ومقدونيا، وهي إحدى مدن اليونان الآن، وظل يحكمها مدة كبيرة، وفي هذه السنة ولد محمد علي باشا الذي كان له الشأن الأكبر في تاريخ مصر الحديث، وقد عني بتربية محمد علي “الشوربجي” الحاكم بعد وفاة عمه “طوسون” نظراً لأنه كان صديق والده “إبراهيم أغا” رئيس الحرس المختص بحراسة الطرق ببلده، وقد تبناه وعُني به حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره، فتعلم طرفاً من الفروسية واللعب بالسيف، وكشاب صغير التحق محمد على بالخدمة في الجيش، وتزوج إحدى قريباته وكانت من ذوات اليسار وأنجبت له أبنائه “إبراهيم، وطوسون، وإسماعيل”، وخدم حاكم قولة “الشوربجي” واكتسب رضاه بما كان يأتيه من ضروب المهارة والحذق في جباية الأموال من القرى المجاورة التي كانت لا تؤدي ما عليها إلا بالشدة واستعمال القوة الجبرية.
*وماذا أيضا؟
في عام 1797م بدأ الباب العالي حشد جيوشه لمهاجمة الجيش الفرنسي بقيادة “نابليون بونابارت” انضم محمد على مرة أخرى للجيش، ورافق فرقة من الجنود بقيادة “علي أغا” ابن حاكم قولة “الشوربجي” ووصل إلى ميناء أبو قير في الإسكندرية لمواجهة الجيش الفرنسي.
*من هو جد عائلة الشوربجي في مدينة العريش وأين استقرت أسرته؟
بعد أشهر من حشد الجيوش لمهاجمة الجيش الفرنسي تولى علي أغا الشوربجي حكم حامية الطينة شمال غرب شبه جزيرة سيناء حيث بدأ في ترميمها -قلعة الطينة- وأقام بها أحد الحصون الحربية كقلعة لصد هجمات الفرنجة وشيد القلعة بالطوب اللبن وسميت “قلعة الشوربجى” نسبة إلى مشيدها علي أغا الطناوي الشوربجى، وذكرت هذه القلعة على الخرائط المطبوعة باللغة الإنجليزية والعربية والتي يشار إليها كموقع حربي بقلعة الشوربجى والتي تقع أمام البحر المتوسط شمال غرب بالوظة.
وفي 1 فبراير سنة 1799م أمر نابليون الجنرال كليبر والجنرال رينير فسارا في مقدمة الجيش إلى العريش، وأرسل المثقلات وأدوات الحصار سراً في البحر، وفي 10 فبراير سار براً ببقية الجند وهجم على قلعة الطينة وهدمها أثناء حملته على الشام، واستشهد علي أغا الطناوي الشوربجى وتجاوز عمره الستون عاماً تاركاً وراءه أنجاله الثلاثة بأسرهم ، حيث نجله الأكبر “محمد” الذي هاجر بأسرته إلي مدينة القاهرة بمنطقة إمبابة ثم بعد عدة شهور تولى محمد الشوربجي الغرياني محافظاً للإسكندرية “1799 : 1801” وكان ثاني محافظ للإسكندرية بعد محمد كريم، والابن الأصغر ويقال اسمه “يوسف”، هاجر بأسرته إلي فلسطين، والابن الذي يلي الأكبر مصطفى علي أغا الطناوي الشوربجي بقي بمدينة العريش وأقام بها عام 1799م 1214 هـ ، ووافته المنية وقد جاوز عمره الخامسة والستون عاماً ودفن بناحية مقابر الشيخ جبارة علي الكثيب الرملي شمال شرقي ضريح الشيخ جبارة «مسجد أبو بكر الصديق حالياً» بميدان الفواخرية بمدينة العريش عام 1847 م تاركاً وراءه أنجاله الخمسة وهم العيادي ومحمد وشاهين وقاسم وسليمان ولكل أجل كتاب.
وجد عائلة الشوربجي بالعريش مصطفى أغا الطناوي الشوربجي كان ضابطا بالجيش العثماني وتزوج من محافظة الشرقية من قرية “العايد” مركز بلبيس، ولذلك سُمي ابنه الأكبر “العيادي” نسبة إلى قرية زوجته.
*من هو صاحب فكرة إنشاء ورسم شجرة العائلة التي تضم كافة أبنائها؟
كنت أنا صاحب فكرة إنشاء شجرة متكاملة للعائلة في عام 1958م بالاشتراك مع 6 من باقي أفراد العائلة، كنت أتلقى المعلومات التراثية من جدة والدي الحاجة فاطمة راضي، التي عاشت نحو 120 سنة، وكانت من مواليد سنة 1840م والمتوفية سنة 1960م، وأنشئت شجرة مصغرة من الأجداد الرئيسيين وفي عام 1983م بدأت في إنشائها بشكل أوسع بمساعدة كل من الحاج كامل سويلم نجيلة، والحاج مسلم عبد الحي، والحاج حسين داوود، وآخرون.
*من هو شيخ العائلة الحالي وكيف كانت الشياخة للعائلة في العقود القديمة؟
شيخ العائلة الحالي هو المهندس قدري، وهو عبد القادر سلمي عبد الحي الشوربجي، أول شيخ حكومي للعائلة يأتي بالانتخاب، أنه في العقود الأولى كان شيخ العائلة يتم تعيينه بالتزكية، وفي عام 1840م، كان اختيار أول شيخ للعائلة وهو علي العيادي، من 1840 حتى 1870م، وبعده الشيخ محمد نجيلة من أول 1870 حتى نهاية 1870م، ثم الشيخ حسين نجيلة من 1870 حتى 1895م، والشيخ محمد عرابي العيادي من سنة 1895 حتى 1937م، والشيخ عبد الرحمن داوود من سنة 1937 حتى 1960م، والشيخ سعيد عبد الرحمن داوود من 1961 حتى 2000م، ومن 2001م تولى الشيخ الحالي المهندس عبد القادر سلمي عبد الحي شياخة العائلة حتى وقتنا هذا.