اغتيال يحيى السنوار: مزيج من الغموض والصدفة يفتح باب التساؤلات
في تطور جديد، أزاحت وسائل الإعلام الإسرائيلية الستار عن تفاصيل مثيرة تتعلق باغتيال يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، مما أثار تساؤلات واسعة حول الروايات المتضاربة المتعلقة بمقتله. ومنذ إعلان استشهاده، تباينت الروايات بين الجهات الإسرائيلية والمحللين الاستراتيجيين، حيث تعكس تفاصيل العملية مزيجًا من الغموض والصدفة، ما يعيد فتح باب التساؤلات حول ظروف اغتياله.
تشير التقارير الإسرائيلية إلى أنه تم تشريح جثة السنوار في معهد أبو كبير للطب الشرعي يوم الجمعة 18 أكتوبر 2024، حيث تم الاحتفاظ بالجثة في مكان سري. وقد يُستفاد من الجثة كأداة ضغط أو مساومة في المستقبل، مما يضيف بُعدًا جديدًا من الغموض حول الحادثة. ووفقًا لصحيفة إسرائيل اليوم، فقد قُتل السنوار برصاصة استهدفت رأسه من مسافة بعيدة، إضافةً إلى إصابته بشظايا نتيجة سقوط قذيفة بالقرب منه.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن قوات الاحتلال أقدمت على قطع إصبع السنوار بعد الاشتباه في مقتله، حيث تم إرسال الإصبع إلى الفحص للتأكد من هويته عبر تحليل البصمات. وفقًا للرواية الرسمية للجيش الإسرائيلي، بدأت القوات الاشتباك مع مجموعة من الأشخاص، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد هويتهم. وفي خضم الاشتباك، لجأ أحد هؤلاء الأشخاص إلى أحد المباني، حيث استهدفته قوات الاحتلال بقذيفة دبابة، مما أدى إلى مقتله، ومع مرور الوقت، تبين أن الشخص المستهدف كان يحيى السنوار.
وفي تصريحات للدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطيني، أكد أن قطع الاحتلال إصبع القائد يحيى السنوار جاء على الرغم من تأكيد هوية جثته عبر بصمة الأسنان. وأوضح أن الهدف من ذلك هو التأكد من تطابق بصمته مع البصمات اليدوية المخزنة لديهم منذ فترة اعتقاله التي تجاوزت 20 عامًا. وعند سؤاله حول ما إذا كانت العملية مخططًا لها مسبقًا، نفى الدكتور أبو لحية ذلك بشكل قاطع، مشيرًا إلى أنه لو كانت إسرائيل على علم بمكانه، لكانت خططت لاعتقاله أو قتله بطريقة تحول دون أن يبقى رمزًا وطنيًا يلهم كل مناضل يسعى لتحرير وطنه.
كما أكد أن رواية الاحتلال التي تزعم أن السنوار كان مختبئًا في الأنفاق مع الأسرى غير دقيقة، مشيرًا إلى أن وجود السنوار في الصف الأول من المعركة وعلى بعد 1000 متر فقط من ثكنة عسكرية يفند تلك المزاعم، ويكشف أن هذه الرواية ليست سوى محاولة من الاحتلال للتغطية على فشله الاستخباراتي المستمر في الوصول إليه طوال عام، إضافة إلى فشله في إخراج صورة مقتله بالطريقة التي كانوا يطمحون إليها.
وفي تحليل إضافي حول العملية، قدم المفكر الاستراتيجي اللواء سمير فرج تفاصيل جديدة، مشيرًا إلى أن عملية اغتيال السنوار لم تكن مخططًا لها بل كانت نتيجة صدفة. وأوضح فرج أن الوحدة التي نفذت العملية لم تكن من القوات الخاصة أو من اللواء جولاني، بل من الكتيبة 450 التابعة للواء 188 من الاحتياط، والتي كانت أثناء تدريبها في غزة، ولاحظت حركة غير متوقعة في أحد المباني، مما دفعها إلى قصفه دون معلومات دقيقة حول وجود السنوار بداخله.
وفي تصريحاته، أضاف اللواء فرج أن الجنود الإسرائيليين لم يكونوا على دراية بأنهم كانوا أمام يحيى السنوار، مؤكدًا أنهم لو كانوا يعلمون هويته، لما قاموا بقتله، حيث كانوا يفضلون القبض عليه حيًا. وأكد أن السنوار كان يحمل سلاحه أثناء العملية، مما يفضح كذب الرواية الإسرائيلية التي كانت تزعم أنه كان مختبئًا في الأنفاق أو محاطًا بالرهائن.
وبعد استهداف السنوار، توجهت قوات الاحتلال إلى التحقق من هويته، حيث قامت بمطابقة فحص أسنانه مع سجلات الاحتلال نظرًا لأن السنوار كان أسيرًا سابقًا في السجون الإسرائيلية. وبعد التأكد من هويته، قررت القوات قطع أصبعه لإجراء تحليل DNA للتأكد النهائي من هويته. وفي تعليقه على مقتل السنوار، قال اللواء فرج إن السنوار مات مقاتلًا بملابس الميدان، مؤكدًا أنه لم يكن في مكان آخر كما كانت الرواية الإسرائيلية تدعي، بل كان يقاتل على الأرض في الصفوف الأمامية للمقاومة.
تظهر حادثة مقتل يحيى السنوار مزيجًا من الغموض والصدفة. الروايات المتضاربة حول عملية اغتياله أثارت العديد من التساؤلات. في حين حاولت الرواية الإسرائيلية تصوير العملية كاستهداف دقيق لشخصية كبيرة، يكشف التحليل الاستراتيجي أن الاغتيال تم بشكل غير متوقع، ما يعكس المفاجأة التي تعرض لها الاحتلال من وجود السنوار في الميدان وليس في الأنفاق، كما كان يعتقد. تبقى عملية مقتل يحيى السنوار محاطة بالكثير من الغموض والتفاصيل المتضاربة، حيث تسعى الرواية الإسرائيلية لتسويق العملية كاستهداف دقيق، بينما تظهر التحليلات الاستراتيجية أن الأمر كان بعيدًا عن التخطيط المسبق.