تاريخ ومزارات

هارون الواثق بالله: الخليفة العباسي الذي أعاد الاستقرار وقاد الفتوحات

هارون الواثق بالله بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد، تاسع خلفاء الدولة العباسية، وُلد في بغداد عام 200 هـ لأم رومية تُدعى قراطيس. منذ صغره لُقب بـ”المأمون الصغير” نظراً لأدبه وفضله، وكان محط إعجاب المأمون الذي قال لوالده المعتصم ألا يعترض على تصرفاته، قائلاً إنه راضٍ عن أدبه.

عُرف الواثق بالله بحكمته وقدرته على إدارة شؤون الدولة. تولى الخلافة بعد وفاة والده المعتصم في عام 227 هـ، وخلال فترة حكمه التي استمرت خمس سنوات، شهدت الخلافة العباسية استقراراً ملحوظاً. لم يكن الواثق مجرد خليفة عادي، بل تميز بدعمه الكبير للعلماء وأهل الحرمين. إذ قيل إنه لم يوجد في مكة أو المدينة سائل خلال حكمه، ما يدل على كرمه وسخائه في مساعدة المحتاجين.

لكن حكم الواثق لم يكن خالياً من التحديات، فقد اندلعت عدة ثورات في الشام وفلسطين نتيجة الاحتكاكات بين العرب والجيش التركي الذي أسسه والده المعتصم. على الرغم من نجاحه في إخماد هذه الثورات، إلا أن الاستياء بين الأهالي استمر. ومع ذلك، أظهر الواثق قدرة على مواجهة التمردات بحزم، وقام بعزل الولاة الفاسدين ومصادرة أموالهم التي جمعوها بطرق غير مشروعة.

وفي عهده، تم فتح جزيرة صقلية على يد الفضل بن جعفر الهمداني عام 228 هـ، وهو ما يُعد من أبرز إنجازاته العسكرية، حيث أسهم في توسيع رقعة الدولة العباسية.

من جهة أخرى، ذكر الدينوري في كتابه “المعارف” أن الواثق بالله تولى الخلافة مباشرة بعد وفاة والده، وكانت أمه قراطيس قد توفيت في الحيرة وهي في طريقها إلى مكة. وقد توفي الواثق بالله في سامراء عام 232 هـ عن عمر ناهز 32 عاماً، بعد أن أصيب بالحمى، لتنتهي بذلك فترة خلافته التي استمرت خمس سنوات وتسعة أشهر وأياماً.

لقد كانت فترة خلافة هارون الواثق بالله مليئة بالأحداث والتحديات، لكنه استطاع أن يترك بصمة واضحة في تاريخ الخلافة العباسية، بإصلاحاته الداخلية وإنجازاته العسكرية التي أكدت مكانة الدولة على الساحة الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى