حوارات و تقارير

أم الدحداح: مثال حي للإيثار في زمن النبوة

 

برزت العديد من القصص المؤثرة عن النساء في حياة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومن بينهن أم الدحداح الأنصارية رضي الله عنها، التي كانت لها تأثيرات عميقة في عصرها وما بعده. وقد سلط المؤلف والمترجم السوري أحمد خليل جمعة الضوء على دورهن في كتابه “نساء في عصر النبوة”، الصادر عن دار نشر ابن كثير، حيث يركز على الأحداث التي شهدتها هذه النساء وأثرهن في الدعوة الإسلامية.

تُعد أم الدحداح مثالاً رائعاً للإيثار، حيث قال النبي ﷺ في حق زوجها: “كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح؟” كانت من نساء الأنصار اللواتي ذوقن حلاوة الإيمان منذ بداية الدعوة في المدينة المنورة، حيث نشأت في كنف النبوة.

على الرغم من أن أم الدحداح لم تحظَ بشهرة كبيرة، إلا أنها كانت واحدة من الصحابيات اللواتي قدّمن تضحيات جليلة في سبيل الإسلام، واختارت نعيم الآخرة على متاع الدنيا، مُرغبةً في رضى الله ورسوله.

كان زوجها الصحابي الجليل أبو الدحداح، المعروف بثابت بن الدحداح، أحد أبرز الشخصيات في عصر النبوة، وقد اقتدى بالنبي وبذل ما لديه في سبيل الله.

الإسلام يدخل أسرة أم الدحداح

عندما جاء مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى المدينة ليكون رسولاً للنبوة، بدأ بالتعريف بالدعوة الإسلامية، مما دفع الكثير من أهل المدينة للإسلام، ومن بينهم أسرة أم الدحداح، التي أسلمت جميع أفرادها وحققت شرف الانضمام إلى صفوف المؤمنين.

الصدقة

عكف الأنصار، ومن بينهم أبو الدحداح وزوجته، على قراءة القرآن الكريم وتطبيق تعاليمه. وعندما نزل قوله تعالى: ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾، استجاب أبو الدحداح على الفور، مقدماً قرضاً لله يتكون من حديقة تحتوي على 600 نخلة، ورغبت زوجته في ذلك وساندته في تقديم هذا القرض.

عندما أخبر أبو الدحداح أم الدحداح بقراره، دعته إلى الاستمرار في سبيل الخير، معبرةً عن دعمها وتشجيعها له. وكان النبي ﷺ قد بشره بأن الله سيجزيه بالجنة.

استشهاد أبي الدحداح

كانت أم الدحداح تتمنى أن ينال زوجها الشهادة، وهو ما تحقق في غزوة أحد. رغم أن المسلمين واجهوا هزيمة، فإن أبو الدحداح ثبت وقاتل بشجاعة، حتى نال شرف الاستشهاد.

عندما وصل خبر استشهاد أبي الدحداح إلى أم الدحداح، كانت ردّة فعلها متميزة، حيث احتسبته عند الله، ولم تظهر أي من علامات الحزن التقليدية. كانت تعلم أنه نال شرفاً عظيماً في سبيل الله، وشعرت بالسرور عندما علمت أن النبي ﷺ عاد سالماً من المعركة.

تُعد قصة أم الدحداح نموذجاً حياً للإيثار والشجاعة، حيث تبرز دور النساء في تاريخ الإسلام ودعوة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى