حوارات و تقارير

الشيخ حسين المرصفي: عالم القليوبية الذي تحدى الإعاقة وأثرى الأدب العربي

أسماء صبحي 

تعد محافظة القليوبية موطنًا للعديد من الشخصيات التاريخية التي أثرت في مختلف المجالات، وخاصةً في العلوم الدينية والأدبية. ومن بين هذه الشخصيات البارزة يبرز اسم الشيخ حسين المرصفي، العالم والأديب الذي رغم فقدانه بصره في سن مبكرة أصبح من رواد النهضة الأدبية والعلمية في مصر. كما ساهم في تطوير اللغة العربية والنقد الأدبي. وكان له دور بارز في تخريج جيل من الأدباء والشعراء الذين أثروا المشهد الثقافي في مصر.

نشأة الشيخ حسين المرصفي

ولد الشيخ حسين أحمد أبو حلاوة المرصفي عام 1815 في قرية مرصفا بمحافظة القليوبية. ونشأ في بيئة علمية؛ فوالده كان من كبار علماء الأزهر. ورغم فقدانه البصر وهو في الثامنة من عمره لم يقف ذلك عائقًا أمام نبوغه، بل على العكس شجعه والده على حفظ القرآن الكريم. ثم التحق بالأزهر الشريف حيث درس العلوم الدينية واللغوية.

ولم يكتفي الشيخ حسين بالدراسات التقليدية، بل سعى إلى تعلم اللغات الأجنبية. فأتقن اللغة الفرنسية بطلاقة عبر طريقة بريل للمكفوفين. مما أتاح له الاطلاع على الثقافات الغربية والاستفادة منها في تطوير أسلوبه الأدبي.

دوره في النهضة الأدبية

برز الشيخ حسين كأحد أبرز علماء اللغة والأدب في عصره، حيث اختير لتدريس الأدب العربي في دار العلوم عام 1882. وخلال عمله، قدم محاضرات متقدمة في النقد الأدبي والبلاغة. كما ساهم في تطوير مناهج تدريس اللغة العربية.

ومن بين تلاميذه الذين أصبحوا رموزًا أدبية في مصر، محمود سامي البارودي، أحمد شوقي، وحنفي ناصف، الذين تأثروا بفكره ونهجه في الكتابة. كما كان من أوائل من ناقش قضايا التجديد في النقد الأدبي وأهمية تطوير اللغة بما يتناسب مع التقدم العلمي والثقافي في ذلك الوقت.

أهم مؤلفاته

ترك الشيخ حسين إرثًا أدبيًا وعلميًا غنيًا، ومن أبرز مؤلفاته:

  • الكلم الثمان: يعد من أهم كتبه، حيث ناقش فيه المفاهيم السياسية والاجتماعية التي برزت خلال القرن التاسع عشر. وقدم تحليلًا لغويًا وفكريًا متقدمًا.
  • مرصفا الخالدة: تناول فيه تاريخ قريته مرصفا. كما سلط الضوء على العادات والتقاليد المحلية وتأثيرها على المجتمع المصري.
  • دليل المسترشد في فن الإنشاء والكلم: يعد من الكتب الرائدة في فنون الكتابة والإنشاء. حيث وضع أسسًا لكتابة المقالات والخطابات بأسلوب راقي.

وقال الدكتور أحمد عبد الفتاح، الباحث في التاريخ المصري: “لقد كان الشيخ حسين المرصفي نموذجًا للعالم المتكامل، حيث جمع بين العلوم الدينية والأدبية. كما ساهم في تخريج جيل من الأدباء والشعراء الذين أثروا الحياة الثقافية في مصر. ولم تكن إعاقته حاجزًا أمام إبداعه، بل كانت دافعًا لتحقيق إنجازات استثنائية.

توفي الشيخ حسين عن عمر يناهز 75 عامًا، لكنه ترك بصمة لا تمحى في مجال الأدب واللغة العربية. كما ظلت مؤلفاته تدرس في العديد من الجامعات، واستمر تأثيره في الأوساط الأدبية حتى يومنا هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى