حاتم عبدالهادي السيد
لقد اهتمت الدولة المصرية ممثلة في وزارات السياحة والثقافة والآثار بالمسار التاريخي لرحلة العائلة المقدسة بإعتبارها احدي الروافد العالمية التاريخية التي تهم المسيحيين في مصر والعالم ؛ وبداية من عام 2015 بدأت الوزارة باعتماد خطة لترميم طريق مسار العائلة وتمثل ذلك في ترميم خمسة مواقع أثرية، حيث استقبلت وفدين من الفلبين والهند، كما زار الوفد الإيطالي مسار العائلة المقدسة في يونيو/ حزيران عام 2016، ثم بمجيء عام 2017 وجد المشروع اهتمامًا عالميًا كبيرًا ؛وذلك حين أعلن بابا الفاتيكان بداية إدراج مصر في برنامج (حج الفاتيكان).ولقد قامت وزارة الآثار المصرية بإعداد لجنة مسؤولة عن الترويج والإعلان للمسار ضمن المشروعات التراثية لليونسكو؛ وبدأ الاهتمام يأخذ مسارًا جديدًا بعد الافتتاح الرسمي لأول منطقة أثرية بالمسار التاريخي، والتي تقع بمدينة سمنود في محافظة الغربية بدلتا مصر وفي مايو عام 2018 أُدرجت زيارة المسار بشكل فعلي ضمن زيارات الفاتيكان الرسمية..
ولقد استقبلت مصر أول وفد لـ”حج رسمي” من الفاتيكان في يونيو 2018؛ حيث مكث الوفد لمدة 5 أيام، وضم 52 شخصية، بينما رأسه رئيس إقليم لاتسيو وأسقف مدينة فيتربو .كما زار 5 من رؤساء الكنائس الإنجليزية المسكونية، الذين وعدوا بدعوة أتباع كنائسهم لزيارة المسار، وكذلك الحال مع 5 من رؤساء أكبر الكنائس الفرنسية..
كما نُظم مؤتمر الحوار الديني المصري الأوروبي، للترويج للمسار، ودُعيت إليه كل الطوائف الدينية في هولندا وألمانيا والدنمارك وغيرها من الدول الأوروبية.
ولقد أقامت وزارة الثقافة المصرية في عهد وزير الثقافة الأسبق الفنان / فاروق حسني؛ وأ/ محمد عبدالعظيم مدير عام الثقافة بشمال سيناء – رحمه المولي – احتفالية كبري بمدينة العريش عام 2010 بالقرب من منطقة المساعيد للإحتفال بمسار العائلة المقدسة؛ وتم عرض أوبريت غنائي في الهواء الطلق يجسد مسار العائلة المقدسة ضمن اهتمام وزارة الثقافة بهذا الحدث التاريخي؛ ولأول مرة في مصر؛ كما تم عرض احتفالية كبري في نفس المكان – كما أذكر – لتجسيد الفتح الإسلامي لمصر علي أيدي القائد الإسلامي/ عمرو بن العاص؛ وكان حدثًا فريدًا غير مسبوق كذلك ؛ كما أثرت وقتها – كاتب هذه السطور – فكرة احياء ” طريق الحج المصري القديم ” الذي كان يمر بسيناء؛ حيث كان المحمل المصري الذي يصنع بمصر ويحمل كسوة الكعبة المشرفة يمر بمنطقة المساعيد ثم ييتجه يمينًا لوسط سيناء وجنوبها ثم إلي طابا؛ والعقبة ويعبر الأراضي الأردنية متجهًا إلي الأراضي المقدسة بالمملكة العربية السعودية .
مصر ومشروع طريق العائلة المقدسة
لقد وجد مشروع طريق العائلة المقدسة أولى بوادر النور؛ وعن بداية فكرة المسار، يقول د./ عادل الجندي، مدير عام العلاقات الدولية والتخطيط الاستراتيجي بوزارة السياحة، والمنسق الوطني لمشروع مسار العائلة المقدسة إن الفكرة ظهرت للنور في نهاية عام 2013، بعد وجود إرادة سياسية تسعى لإظهار الصورة الحقيقية لمصر.ولقد بدأت مصر – كما يقول – الترويج العالمي لفكرة مسار العائلة المقدسة في عام 2014، وتحديدا في إسبانيا بمدينة سانتياغو دي كومبوستيلا، التي يوجد بها مسار القديس سان جيمس، وهو من أعظم مسارات العالم، إذ يبدأ من فرنسا ويمر بإسبانيا انتهاء بالبرتغال.
ولفت الجندي إلى أنه خلال سفره للمدينة الإسبانية لحضور المؤتمر الأول للسياحة ورحلات الحج، الذي تنظمه منظمة السياحة العالمية، تم عرض الفكرة التي لاقت استحسانا كبيرا، على حد تعبيره، مشيرا إلى استعانة مصر بالخبرات الدولية في مسار القديس سان جيمس.
وتبع زيارة إسبانيا، تنظيم رحلة تعريفية في أكتوبر 2014 إلى القاهرة، بساحة المتحف القبطي، وتمت دعوة كل رؤساء الكنائس في العالم، وجميع سفراء الاتحاد الأوروبي، وسفراء عدد من الدول المستهدفة، وكذلك دعوة كل وسائل الإعلام العالمية.
وتجاوز انفاق الحكومة المصرية على تطوير المناطق الأثرية فقط، مبلغ 130 مليون جنيه مصري (8.3 مليون دولار أميركي)، بخلاف ملايين الجنيهات التي أنفقت على الطرق والبنى التحتية التي تخدم المسار.
ويختم المنسق الوطني لمشروع مسار العائلة المقدسة حديثه مستبشرا بمستقبل المسار في تنشيط السياحة المصرية، لافتا إلى أن مسار العائلة المقدسة أصبح المسار الأطول في العالم الذي يمر بدولة واحدة..
إن البداية تبدأ بحلم؛ ومشروع رحلة العائلة المقدسة قد وجد بداية الطريق؛ ونتمنى أن يجد مشروع المسار التاريخي لفتح عمرو بن العاص لمصر طريقة إلي التحقق؛ وطريق رحلة الحج المصري القديم كذلك – والذي اقترحهما هنا -لتتكامل السياحة الروحية والدينية والثقافية والتاريخية علي أرض مصر الخالدة, فمصر هي أرض الأديان والتاريخ والحضارة الإنسانية الخالدة على مر الأزمان والعصور .