أحداث شغب أمستردام: مواجهة ساخنة بين مشجعي مكابي تل أبيب والجاليات العربية تثير تساؤلات حول التصعيد
شهدت العاصمة الهولندية أمستردام ليلة 8 نوفمبر اشتباكات عنيفة بين مشجعي فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي وعدد من أفراد الجالية العربية بعد انتهاء مباراة الفريق مع أياكس، حيث أظهرت مقاطع الفيديو المنتشرة قيام بعض المشجعين الإسرائيليين بتمزيق الأعلام الفلسطينية المرفوعة على المباني المحيطة بالملعب، مما أثار حالة من الغضب والاشتباكات في المكان.
وفي بيان لها، أعلنت شرطة أمستردام يوم الجمعة عن إصابة 5 أشخاص واعتقال 62 آخرين نتيجة أعمال الشغب، كما أرسلت إسرائيل طائرة لإجلاء مشجعي الفريق من أمستردام، وبلغ عددهم حوالي 2700 شخص.
ويرى المحلل السياسي أيمن الرقب أن ما حدث في أمستردام ليس حادثة عابرة بل هو انعكاس للاستفزازات المستمرة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين والعرب، حيث أوضحت الفيديوهات أن عدداً من المشجعين الإسرائيليين أطلقوا هتافات معادية للعرب، معبرين عن مواقف متطرفة تسهم في إذكاء حالة الاحتقان والغضب لدى الجاليات العربية في أوروبا.
وأشار الرقب إلى أن ردود الفعل التي اندلعت في أمستردام كانت تعبيراً طبيعياً عن غضب الجاليات العربية تجاه ما يجري في غزة من اعتداءات متواصلة على المدنيين الفلسطينيين، مؤكداً أن تلك الاحتجاجات لم تستهدف اليهود كدين بل كانت موجهة ضد المتطرفين الإسرائيليين الذين يتبنون مواقف عنصرية تجاه العرب، موضحاً أن العرب في أوروبا يميزون بين اليهودية كديانة وبين الصهيونية كفكر سياسي عنصري.
كما لفت الرقب إلى مخاوف متزايدة من تكرار هذه الأحداث في مناطق أوروبية أخرى إذا لم يتم تدارك الوضع ومعالجة مثل هذه التصرفات المستفزة، مضيفاً أن الجاليات العربية رغم معاناتها في أوروبا إلا أنها تسعى لحل المشكلات بطرق عقلانية بعيداً عن العنف.
في سياق متصل، استنكر رئيس الوزراء الهولندي ديك شخوف الاعتداءات على المشجعين الإسرائيليين، وصرّح بأنه تواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتأكيد على سلامة الإسرائيليين المتواجدين في هولندا، وكشف عن إرسال طائرات لإجلائهم، بما فيهم المصابون.
من جهة أخرى، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية الهتافات المعادية للعرب وقيام بعض المشجعين الإسرائيليين بتدنيس العلم الفلسطيني، مشددة على ضرورة فتح تحقيق شامل لمحاسبة المتورطين، مؤكدة في بيان لها على منصة “إكس” أن هذه التصرفات تعد استمرارا لتصاعد الفكر العنصري الذي يستهدف الهوية الفلسطينية ويدعو لمواجهته بكل السبل المتاحة.
وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصعيد العنصري يُشكل خطراً كبيراً على الجالية الفلسطينية والعربية في أوروبا، ودعت السلطات الأوروبية إلى وضع حد لهذه الظواهر المتطرفة التي تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان وقيم العيش المشترك.
وتعد هولندا من أبرز الوجهات التي يقصدها المهاجرون العرب منذ الستينيات، حيث يشكلون جزءاً كبيراً من المجتمع الهولندي المتنوع، وتضم مدن مثل “دي بايلمر” في أمستردام و”لاهاي الجنوبية” كثافة سكانية عربية عالية، ويظهر ذلك في المراكز الثقافية والمتاجر التي تعكس هوية عربية متجذرة، وتعتبر الجالية المغربية الأكبر بين الجاليات العربية إذ تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 400,000 مغربي، فيما تضاعف عدد السوريين بشكل ملحوظ منذ عام 2015 جراء الأزمة السورية ليصل إلى أكثر من 100,000 شخص.
ومع تصاعد التوترات في هولندا، تشير تقارير إلى أن إسرائيل تدرس اتخاذ إجراءات أمنية وسياسية لمتابعة أوضاع مواطنيها في أوروبا وتحسين التواصل مع الجاليات الإسرائيلية هناك، فيما تستمر ردود الفعل المتباينة حول أحداث أمستردام كإشارة على ضرورة البحث عن حلول عقلانية لمعالجة تداعيات الصراعات المتصاعدة في الشرق الأوسط وتأثيرها على المشهد الأوروبي.