تعرف على أوجه تشابه بين حرب أكتوبر المجيد ومعركة مجدو فى زمن الفراعنة
أميرة جادو
تعد حرب أكتوبر 1973 من أبرز الإنجازات العسكرية التي حققتها مصر في تاريخها الحديث. لكن شجاعة المقاتل المصري لم تكن وليدة هذا العصر، بل تمتد جذورها لآلاف السنين. فمنذ العصور القديمة، خاض المصريون معارك أسطورية، من بينها معركة “مجدو” التي وقعت في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وتحديدًا في عام 1457 قبل الميلاد، تحت قيادة الملك تحتمس الثالث. ورغم الفارق الزمني الكبير، تحمل معركة مجدو أوجه تشابه واضحة مع حرب أكتوبر من حيث التكتيك والعزيمة.
خطة محكمة ونصر مسجل في التاريخ
والجدير بالإشارة أن تفاصيل معركة مجدو سجلت -على جدران معبد الكرنك بالأقصر، قاد تحتمس الثالث جيشه بذكاء وحنكة. حسبما يروي الباحث في علم المصريات بسام الشماع، فقد كان تحتمس يحفز جنوده قبل بدء المعركة، مرددًا: “استولوا على المدينة ببراعة.. استولوا على المدينة ببسالة.” وخلال هذا الخطاب، أوضح أن السيطرة على مجدو تعني السيطرة على ألف مدينة، مشيرًا إلى تجمع جميع زعماء بلاد الشمال داخل أسوار هذه المدينة.
السيطرة على مجدو
اعتمد تحتمس الثالث على التخطيط الدقيق، فأصدر الأوامر لرؤساء الفرق العسكرية لتنظيم مواقع الجنود بدقة. قاموا بقياس أبعاد المدينة، التي كانت محاطة بخندق وملتفة بأشجار عطرة. نصب تحتمس موقعًا محصنًا شرقي المدينة، حيث كان يراقب مجدو ليل نهار، وحفر سورًا شيده بنفسه، أطلق عليه اسم “منخب رع” ليحيط بالموقع بالكامل، وقام بنشر حراسة مشددة حول خيمته، مؤكدًا على الجنود أن يبقى قلبهم ثابتًا ويظلوا يقظين في كل لحظة.
تسليم العدو وشروط الاستسلام
أمام صمود وتفوق الجيش المصري، لم يجد زعماء مدينة مجدو إلا الانحناء أمام تحتمس الثالث، طالبين العفو عنهم، ومحملين بكل أنواع الجزية من فضة وذهب، وأحجار كريمة مثل اللازورد والفيروز. كما قدموا إمدادات من الحبوب والنبيذ والماشية للجيش المنتصر. وتحت وقع هذا الانتصار، أعاد تحتمس تنصيب الزعماء المحليين لكل مدينة تابعة لمجدو، ليضمن سيطرة مصرية كاملة على المنطقة.
توثيق النصر
كما يشار إلى أن تحتمس الثالث قام بتخليد هذا النصر العظيم على جدران معبد الكرنك، وسجل كل تفصيلة من المعركة، بداية من خطة الهجوم وحتى تسليم المدينة، على لوحة حجرية، ونسخها أيضًا على لفافة جلدية وضعت في معبد آمون. يشير بسام الشماع إلى أن ترجمة هذه النقوش جاءت من عالمة المصريات الفرنسية كلير لالويت. وتمت ترجمتها إلى العربية على يد الدكتور ماهر جويجاتي. لتُظهر لنا مدى عبقرية المصريين القدماء في إدارة المعارك وتحقيق الانتصارات الساحقة.
التاريخ يعيد نفسه
ومن الجدير بالذكر أنه مثلما نجح المصريون في حرب أكتوبر من عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف المنيع. تمكن أسلافهم في العصور القديمة في تحقيق انتصار مشابه في معركة مجدو. تلك المعركة التي أرست قواعد الحرب النفسية والتخطيط الاستراتيجي، وجعلت من مصر قوة يحسب لها حساب في كل زمان ومكان.