5 أكتوبر 1973.. إسرائيل في غفلة واستعدادات مكثفة في الجبهة المصرية
أميرة جادو
تأتي هذه الأيام الذكرى الـ 51 لنصر أكتوبر المجيد، الذي حقق فيه رجال القوات المسلحة المصرية ملحمة تاريخية، حيث تمكنوا من عبور خط بارليف المنيع، والتوغل في عمق أراضي سيناء لاستعادة الأرض وإعادة الكرامة. في السادس من أكتوبر، الموافق العاشر من رمضان، كتب الجيش المصري أول نصر للعرب على الجيش الإسرائيلي. محطمين أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”. فكيف كانت الأوضاع قبل اندلاع المعركة بيوم واحد، وتحديدًا في 5 أكتوبر؟
الموقف الدولي
يروي الكاتب سعيد الشحات في موسوعته “ذات يوم” أن الأوضاع داخل إسرائيل في يوم 5 أكتوبر لم تُنبئ بأي شكل من الأشكال عن اقتراب حرب ستبدأ خلال ساعات. نفس الوضع كان سائدًا في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وفقًا لمحمد حسنين هيكل في كتابه “الطريق إلى رمضان”، كان الدكتور محمد حسن الزيات. وزير الخارجية المصري، في نيويورك، حيث التقى بنظرائه الأمريكي كيسنجر، والبريطاني دوجلاس هوم، والفرنسي جوبير. وخلال تلك اللقاءات، امتزجت لغة الاستعلاء والتجاهل للمطالب العربية المشروعة مع انحياز كامل ودعم واضح لإسرائيل. مما زاد من قناعة القيادة المصرية بضرورة التحرك العسكري لاستعادة الحقوق.
ساعة الصفر تقترب
على مستوى الجبهة المصرية، يروي الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته “حرب أكتوبر” ما حدث صباح يوم 5 أكتوبر، حيث زار اللواء عبد المنعم واصل، قائد الجيش الثالث، في مركز قيادته، ووجده يراجع الكلمة التي سيلقيها على الجنود عند بدء القتال. أبدى الشاذلي رأيه في الكلمة قائلاً: “إنها ممتازة، ولكنني لا أعتقد أن أحدًا سيسمعها، إذ أن هدير المدافع والرشاشات وتساقط القتلى والجرحى لن يسمح لأحد بالاستماع لخطبة طويلة في خضم المعركة.”
غفلة لا تقدر بثمن
يروي الفريق محمد عبد الغني الجمسي، رئيس هيئة العمليات، أن المتابعة المستمرة لنشاط العدو عبر إدارة المخابرات الحربية أكدت أن إسرائيل لم تكشف نوايا مصر الهجومية حتى ظهر يوم 5 أكتوبر. لكن الجمسي أشار إلى أن الساعات المتبقية قبل بدء الهجوم كانت حرجة، وربما قد يلجأ العدو فيها لاستخدام سلاحه الجوي ضد مصر أو سوريا. في الساعة الثانية عشرة ظهرًا من ذلك اليوم. سأل الفريق أول أحمد إسماعيل، وزير الحربية، الجمسي عن موقف العدو، فأجابه قائلاً: “سبق السيف العزل بالنسبة لإسرائيل. فقد أصبح الوقت متأخرًا لكي يتمكن العدو من القيام بعمل عسكري مؤثر.”
الساعات الأخيرة قبل الهجوم
أما الرئيس أنور السادات، فكان النوم عصيًا عليه في ليلة 5 أكتوبر. حاول السادات تناول مهدئًا ليغفو لبضع ساعات، وهو يردد: “أمامنا في الغد يوم رهيب… رهيب.” ينقل محمد حسنين هيكل في كتابه “أكتوبر 73: السلاح والسياسة” عن السادات كيف استعرض الوضع في مقر العمليات، المركز رقم 10. حيث تلقى تقريرًا مشجعًا من الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة. الشاذلي كان قد زار مواقع الجيش منذ صباح 5 أكتوبر. ليطمئن إلى أن كل شيء يسير وفق الخطة، ولتأكيد أن إسرائيل لم تلتقط أي إشارة عن استعدادات الجيش المصري للحرب.
مفاجأة العدو
والجدير بالذكر أن هذه الاستعدادات والإجراءات كانت في يوم 5 أكتوبر، بالإضافة إلى التخطيط المحكم والتضليل الذكي، سببًا في أن تأتي ضربة السادس من أكتوبر مفاجأةً للعدو. فكانت بداية التحول في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، ومسارًا جديدًا في استعادة الأرض والكرامة.