نسيب إرسلان: أمير النهضة وشاعر الرصانة الذي عاش في الظل
ولد نسيب إرسلان في حي المصيطبة ببيروت، في بيت يُعرف بـ”برج الجمال”. وبعد عام من ولادته، عاد إلى الشويفات حيث تم تعيينه مديراً لناحية الشويفات، وهي الإقطاع الأرسلاني الخاص في قضاء الشوف.
من هو نسيب إرسلان:
ولد الأمير شكيب إرسلان بعد نسيب بسنة ونصف في الشويفات، ونظراً لقرب السن بينهما، نشأ الأمير نسيب وأخوه كأنهما توأمان، حيث تعلم كلاهما القراءة والكتابة وقراءة القرآن الكريم، وحفظا أجزاءً منه عن ظهر قلب. التحقا بمدرسة الأميركيين في الشويفات، حيث تلقيا دروساً في الجغرافيا والحساب ومبادئ اللغة الإنجليزية، مما أسس تعليمهما المبكر على قاعدة صلبة.
في عام 1877، انتقل الأخوان إلى مدرسة الحكمة في بيروت، والتي كانت معروفة آنذاك بإتقانها تعليم اللغة العربية، وبقيا فيها حتى عام 1886، وتعلما على يد الأستاذ الشيخ عبد الله البستاني الذي أضاف لهما بُعداً ثقافياً وعلمياً مهماً.
وفي عام 1887، دخلا المدرسة السلطانية وأقاما فيها لمدة عام، حيث كانا يتلقيان التعليم من الشيخ محمد عبده ويحضران مجالسه الخاصة، مما زاد من معارفهما القانونية والفكرية. كان نسيب مولعاً بقراءة الأدب العربي القديم، حيث نهل من المعلقات السبع والدواوين الخمسة، ما ساهم في تكوين لغته العربية العريقة وبلاغته الأدبية.
وفي عام 1892، عُيّن نسيب مديراً لناحية الشويفات وقضى فيها نحو عشر سنوات قبل أن يستعفي ويستقر في بيروت. بعد إعلان الدستور العثماني، تأسس في بيروت نادٍ لجمعية الاتحاد والترقي، وانتخب نسيب رئيساً له، مما برز دوره في الحياة السياسية والاجتماعية آنذاك.
برز الأمير نسيب كأحد أبرز أمراء البيت الأرسلاني علماً وأدباً، وكان رائداً من رواد النهضة العربية الجديدة وشاعراً من أبلغ شعرائها وخطيباً من أكثرهم تألقاً. إلا أن شهرته لم تكتمل كما حدث مع شقيقيه شكيب وعادل، حيث لم يتمكن من السفر والتنقل بحرية، بسبب التزاماته الأسرية التي جعلته يبقى في وطنه.
ترك نسيب إرسلان ديواناً شعرياً بعنوان “روض الشقيق في الجزل الرقيق”، الذي يعكس براعته الأدبية وبلاغته، ويجسد قدراته الشعرية التي كانت رفيعة المستوى. توفي الأمير نسيب في الشويفات بسبب حمى انتشرت في البلدة آنذاك، ودُفن في قبة العائلة التي تقع في أعلى البلدة، تاركاً خلفه إرثاً أدبياً وثقافياً لا يُنسى، ومثالاً على الرصانة والتهذيب والولاء لقضايا وطنه وأمته.