تاريخ ومزارات

الرينة: قرية الجليل التاريخية وأسرارها القديمة تحت سفح جبل سيخ

تقع قرية الرينة في الجليل الأسفل شمال شرقي مدينة الناصرة، على سفح جبل سيخ الذي يرتفع 574 مترًا عن سطح البحر. يعتقد أنها تعود إلى العهد الروماني، حيث كانت تعرف باسم “راني”. تُعد الرينة إحدى القرى العربية القديمة، بُنيت على تل يُعرف بتل آبل، وهو كنعاني عربي ما زالت آثار سكانه القدماء موجودة حتى اليوم، ما يجعلها من أعرق القرى التي تأسست قبل الميلاد بوقت طويل.

تاريخ الرينة

يتكون سكان الرينة من الطائفتين الإسلامية والمسيحية، وتجمعهم علاقات المحبة والتواصل، وتدير شؤونها مجلس محلي يُنتخب كل خمس سنوات. تقع القرية على خط سيسموغرافي خطير، مما جعلها عرضة للهزات الأرضية العنيفة، أبرزها الزلزال المدمر الذي وقع عام 1837 وتسبب في انشقاق الأرض وابتلاع الناس والماشية، وكذلك زلزال آخر بعد تسعين عامًا ألحق دمارًا واسعًا بالقرية.

اختلفت الروايات حول تسمية الرينة، حيث يعتقد البعض أنها تحريف لكلمة “راني”، وهي قرية رومانية كانت قائمة على سفح جبل سيخ، بينما يرى آخرون أنها نسبة إلى قائد عسكري يُدعى “رينيه”. كما يُعتقد أن الاسم ربما يعود إلى الكلمات العربية مثل “رنا” و”ران”، بينما يرى البعض أن “الرينة” تعني الخمرة بالعربية، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن الكنعانيين العرب كانوا أول من أسس هذه البلدة.

اشتهرت الرينة بكثرة عيون الماء وجودة مياهها وعذوبتها منذ القدم، واستُخدمت مياهها في العهد الروماني لري قرية صفورية عبر قنوات حجرية رومانية، أبرزها عيون الجنان الواقعة على سفح جبل سيخ، وموقعها اليوم يُحتل من قبل المستوطنة اليهودية “هار يونا”. ومن العيون الأخرى عين البيضا، البير الشمالي، والقناة التي تعد أهم العيون وأغزرها، وكانت مياهها تجري في قنوات رومانية قديمة ولم تتوقف عن الجريان على مدار السنة.

في فترة الانتداب البريطاني، بني حاووز في الحي الجديد لتحويل مياه القناة إليه ومنه إلى القرية عبر أنابيب معدنية، واستخدمت المياه أيضًا لري بستان القناة الذي كان يضم مختلف أنواع الفاكهة. وتعد عين الرينة في موقع “المراح” من أقدم العيون التاريخية بالقرية، والتي لا يزال بناؤها قائماً إلى اليوم.

تنتشر في الرينة العديد من العيون الأخرى مثل عين جكلة، التي تقع بجانب شارع الناصرة-طبريا، وتشتهر بمياهها المعدنية العذبة، وعين القطعة التي تنقطع مياهها في الصيف، بالإضافة إلى البير التحتاني الذي كان يروي مدينة الناصرة، والبير الشمالي الذي كان سكان المشهد المجاورة يستسقون منه.

كما تحتوي الرينة على مواقع أثرية مهمة تعود للعصور القديمة، أبرزها تل آبل الذي يضم بقايا مدينة كنعانية قديمة، وخربة المَرْجَة التي يُعتقد أنها بقايا بلدة راني الرومانية، وموقع الرجم العجمي المليء بالآثار التي تدل على استيطانها في العصور القديمة.

تجمع الرينة بين التاريخ العريق والطبيعة الغنية، محتفظة بأسرارها وآثارها التي تروي حكاياتها القديمة، مما يجعلها واحدة من القرى التي تسرد فصولًا من تاريخ الجليل الأسفل وذاكرة فلسطين العريقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى