صفية بنت حيي: من بنت يهودية إلى أم المؤمنين
صفية بنت حيي بن أخطب، تعود جذورها إلى النبي هارون عليه السلام، وهي ابنة برة بنت سموأل من بني قريظة. رغم صغر سنها حين تزوجها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعمرها سبعة عشر عامًا، إلا أنها كانت قد تزوجت مرتين من قبل. أول أزواجها كان سلام بن مشكم القرظي، فارس قومها وشاعرهم، والزوج الثاني كان كنانة بن الربيع صاحب حصن القموص، أحد حصون خيبر.
من هي صفية بنت حيي
بعد انتصار المسلمين في غزوة خيبر، كانت صفية من بين السبايا. تحدث النبي محمد إليها وقال: “يا صفية، إن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك”. ردت صفية بكل ثقة: “يا رسول الله، إن الله يقول في كتابه: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الزمر: 7]، وأنا قد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني، ولا أرغب في اليهودية بعد الآن”.
كانت صفية حكيمة وذات بديهة، حيث أظهرت قلقها على النبي محمد أثناء اقترابهما من ديار اليهود، مما جعل النبي يقدر موقفها. كما عانت من الغيرة بين زوجات النبي، لكنها كانت تواجهها بذكاء، مذكّرةً إياهنّ بأن زوجها هو محمد، وأبوها هارون، وعمّها موسى.
في أحد الأيام، زارت صفية النبي أثناء اعتكافه في المسجد، وحين غادرت، رافقها النبي حتى باب المسجد، ليتفادى أي سوء فهم من قبل من قد يرونهم، فقال لهما النبي: “على رِسلكما إنما هي صفية بنت حُيَي”. بهذا حرص النبي على نقاء السيرة وتجنب أي شبهة.
عندما مرض النبي، قالت صفية: “والله يا نبي الله، لوددت أن الذي بك بي”، فغمزتها زوجات النبي، إلا أن النبي أكد على صدقها وأمرهن بالمضمضة كإشارة إلى التوبة.
كانت صفية سخية وكريمة، حيث أهدت لفاطمة الزهراء ولأمهات المؤمنين حلقات من ذهب، وتصدقت بثمن دارها قبل وفاتها. وفي محنة عثمان بن عفان، وقفت بجانبه، داعمةً إياه بالطعام والماء خلال حصاره.
صفية، التي اعتنقت الإسلام وأصبحت من أمهات المؤمنين، توفيت في رمضان سنة 50 من الهجرة، ودفنت بالبقيع بجوار أمهات المؤمنين، تاركةً خلفها إرثًا من الشجاعة والحكمة والعطاء.