مجموعة البريكس: نحو هيمنة جديدة في الاقتصاد العالمي؟
تلعب مجموعة البريكس دوراً متزايد الأهمية في التأثير على الاقتصاد العالمي، وتعد من بين القوى الرئيسية التي ستساهم في تشكيل نظام اقتصادي عالمي جديد قريباً. هذا يأتي نتيجة لإعادة الهيكلة الاقتصادية العالمية، وتعزيز التعاون المالي والاقتصادي بين أعضاء المجموعة.
التأثير على الاقتصاد العالمي
رغم التكهنات حول إطلاق عملة موحدة للبريكس، صرح رئيس إدارة الخارجية الروسية للتعاون الاقتصادي، دميتري بيريتشيفسكي، بأن هذه الفكرة لا تزال قيد الدراسة من قبل خبراء الدول الأعضاء. ويعمل أعضاء المجموعة على دراسة آليات الدفع المستقلة للحد من تأثير العقوبات، بما في ذلك البنية التحتية للعملات الرقمية للبنوك المركزية.
دعا الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، إلى إنشاء عملة مشتركة للتجارة والاستثمار بين دول البريكس، لتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي. هذه الدعوة وجدت ترحيباً من روسيا، التي أعلنت عن مباحثات لإطلاق منصات دفع موحدة. وفي الوقت ذاته، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أن قادة البريكس طلبوا من البنوك المركزية ووزارات المالية تقديم توصيات بشأن وسائل الدفع البديلة قبل القمة المقبلة.
بينما أبدت البرازيل دعماً كبيراً لفكرة العملة الموحدة، لم تظهر ردود فعل واضحة من الصين والهند حتى الآن، مما يثير تساؤلات حول إمكانية تنفيذ هذا المشروع في المستقبل القريب. يواجه تحقيق هذه الفكرة تحديات اقتصادية وجغرافية وسياسية بالنظر إلى الفوارق الكبيرة بين الدول الأعضاء في البريكس.
من جهة أخرى، تسعى البريكس لتعزيز مكانتها المالية على الساحة العالمية. تُظهر الأرقام أن المجموعة تُساهم بنسبة 31.5% في الاقتصاد العالمي، حيث بلغت صادراتها السلعية في نهاية 2021 حوالي 4.6 تريليونات دولار، وهو ما يمثل 20.7% من إجمالي الصادرات العالمية، مما يشير إلى نمو مستمر في تأثيرها على التجارة العالمية، خاصة مع الهيمنة الصينية في الصادرات.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى البريكس لتطوير بدائل لنظام الدولار الأميركي المهيمن، وهو تحدٍّ يواجه المجموعة في ضوء التباين بين الدول الأعضاء. رغم ذلك، فإن تصريحات الرئيس البرازيلي تؤكد أن هدف العملة الموحدة ليس تحدي النظام المالي العالمي القائم، بل تسهيل التبادل التجاري بين الأعضاء بالعملات المحلية.
من الجدير بالذكر، أن انضمام مصر للبريكس يمثل خطوة استراتيجية لدعم القطاعات الإنتاجية وتقليل الاعتماد على الدولار. يتيح الانضمام لمصر فرصاً جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، وتوسيع آفاق التصدير والاستثمار.
إن مشاركة مصر في البريكس تفتح الباب للاستفادة من الخبرات الدولية في مجالات التصنيع والنمو الاقتصادي، مما يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل، وكذلك خفض معدلات الفقر والبطالة.
فإن فكرة التخلص من هيمنة الدولار تصطدم بتحديات جدية، ورغم دعم بعض الدول، تبقى فكرة العملة الموحدة بعيدة عن التنفيذ في الوقت الراهن. ومع ذلك، تظل مجموعة البريكس قوة صاعدة تسعى لإعادة تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي، مما يجعل مراقبة تطوراتها أمراً مهماً للفهم الأعمق للتحولات الاقتصادية العالمية المقبلة.