مرأه بدوية

آسيا بنت مزاحم: أميرة الفراعنة التي اختارت الإيمان

نشأت آسية بنت مزاحم في قصور الفراعنة، معتادة على حياة الملوك وسطوة السلطة وطاعة الأتباع. غير أن الإيمان أضاء قلبها ونوّر بصيرتها، فسئمت حياة الضلال واختارت طريق الإيمان، داعية ربها أن ينقذها من هذه الحياة، فاستجاب لها الله وجعلها مثالاً للمؤمنين: “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ” [التحريم: 11].

آسية: رمز الصمود والإيمان

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ”. [أحمد] برقم (2720).

كانت آسية نموذجًا للمرأة المؤمنة التي خلّدها القرآن، فعندما عرفت طريق الحق اتبعته دون خوف من ظلم فرعون وقسوته. آمنت بالله إيمانًا راسخًا، ولم تفلح تهديدات فرعون في ثنيها عن إيمانها. تاجرت مع الله، فربحت تجارة عظيمة، ببيت في الجنة.

موسى في قصر فرعون

جاء ذكر السيدة آسية في قصة موسى عليه السلام، حينما ألقت أمه موسى في صندوق في النهر، فالتقطه آل فرعون. عندما رأت آسية الطفل في الصندوق، أحبته بشدة وطلبت من فرعون أن يبقيه حياً ليكون لها عوضًا عن الولد. وهكذا عاش موسى في قصر فرعون، بفضل رحمة الله وحب آسية.

مواجهة الطغيان بالإيمان

كانت آسية تمتلك فطرة سليمة وعقلاً واعياً، فاستنكرت جنون فرعون وادعاءه الألوهية. عندما شب موسى وكبر وعاد إلى مصر برسالة من الله، كانت آسية من أوائل المؤمنين به. لكن فرعون لم يتحمل إيمان زوجته، فأمر بتعذيبها بشدة كي تعود إلى ما كانت عليه، لكنها بقيت ثابتة على إيمانها، واستعذبت الآلام في سبيل الله.

أمر فرعون بربطها بين أربعة أوتاد وأخذت السياط تنهال على جسدها، ثم وضع رحى على صدرها وألقى عليها صخرة عظيمة. لكنها دعت ربها أن ينقذها من فرعون وعمله، فاستجاب الله دعاءها، وارتفعت روحها إلى بارئها، لتسكن في الجنة.

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: “كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ”. [البخاري برقم 3411].

نهاية قصة آسية: قدوة للأجيال

لقد كانت آسية بنت مزاحم نموذجًا للصبر والثبات في وجه الطغيان، واختارت طريق الإيمان رغم كل ما واجهته من عذاب. تستحق أن تكون من نساء الجنة الخالدات، ملهمة للأجيال في الشجاعة والصمود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى