ليلى عبد السلام.. صاحبه القصة الحقيقية لمسلسل حرب الجواسيس
أسماء صبحي
لم يكن رأفت الهجان وجمعة الشوان والثعلب وغيرهم هم كل الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن مصر. وتحالفوا مع “الموساد” للحصول على معلومات في حرب الجواسيس بين مصر وإسرائيل. ولولا شجاعة هؤلاء الأبطال لما استطاعت مصر تحرير الأرض، ومن هؤلاء الصحفية ليلي عبد السلام بطلة مسلسل “حرب الجواسيس” الحقيقية.
من هي ليلى عبد السلام
مواطنة مصرية تخرجت في جامعة القاهرة عام 1966 كلية الآداب قسم فلسفة وعلم النفس. بدأت العمل في الصحافة في مؤسسة دار الهلال أولاً، ثم الأهرام، ومؤخرا بجريدة الأحرار.
كانت هذه أول مهمة قامت بها قبل انطلاقها للعمل الصحفي والذي بدأته في دار الهلال. حيث كانت الصدفة وحدها وراء كشفها حقيقة العميل الإسرائيلي “ماريو المصري” الذي تسبب في مذبحة بحر البقر. ليعلن لها عن رغبته في جلب معلومات عن بلدها مصر مقابل الكثير من الأموال، حتى أوقعت به في عملية هي الأسرع في تاريخ المخابرات المصرية والتي عرفت بـ”صيد الغزلان”. حتى أن قضاة المحكمة العسكرية أشادوا بها بأنها الفتاة المصرية التي رفضت ملايين الجنيهات من أجل مصر.
و عن ذكريات العملية التي قامت بها تقول: “القصة بدأت بدأت في أوائل السبعينيات وقبيل حرب أكتوبر. وكنت أريد السفر إلي إيطاليا بعد تخرجي من الجامعة لشراء سيارة موديل “1100 أر”. ودلني شخص على آخر يستطيع إنهاء إجراءات سفري وعندما سافرت لإيطاليا فوجئت أن هذا الشخص ويدعي محمد فهمي إبراهيم وشهرته “ماريو” مصري الجنسية من الإسكندرية. ويبدو لأول وهلة رجلاً وقوراً، وساعدني في العثور على الفندق”.
وتابعت: “في اليوم الثاني دعاني على الغداء، وجلسنا أمام جهاز تكييف، وكان موجهاً نحوي بشكل مزعج. وبالقرب منا جلس شخصان أجنبيان على طاولة أخرى، وبلا مناسبة عرضا علينا الجلوس معهما، وقبل ماريو فوراً، وتبعته باعتباري ضيفته. واكتشفت فيما بعد أن هذه الحركة مقصودة، وعرض عليَّ مساعدتي في شراء “السيارة” وبالفعل أخذني لمعرض سيارات و”اتفرجت” على عدة سيارات”.
أضافت: “تكررت اللقاءات ولفت نظري أن ماريو، والذي من المفترض أنه لا يعرف الشخصين الأجنبيين كانت علاقته بهما تبدو وطيدة. ولا أعرف لماذا شككت في الموضوع، خاصة بعدما تحدث معي ماريو في العمل في وكالة صحفية، وطلب مني عدة موضوعات صحفية غريبة. ويفهم منها للوهلة الأولى أنها معلومات عسكرية تمس عمق البلد، وتكشف تفاصيل الأسرار العسكرية والاقتصادية لمصر. وعرض عليَّ أموالاً كثيرة، لم أكن أصدق الأرقام المالية التي قدمها لي، وهو ما زاد من شكوكي”.
بداية اكتشاف الأمر
واستطردت: “حدث بعد ذلك أن دعوني على العشاء في مطعم آخر، وبدأت أشك في “ماريو”. فهل تعامل معهم وبينه وبينهم ود وسابق معرفة أم أنه متشكك فيهم مثلي. وبعد تناول العشاء شاهدت أحد العملاء يتحدث مع ماريو. وذلك بعد أن تعمدت عدم النزول معهم ونظرت من فوق السلالم ورأيت عميل الموساد وماريو يتهامسان بكلام لا أسمعه وكأنهما أصدقاء. وطريقة الكلام أثارت شكوكي وعرفت أنها خطة للايقاع بي، ولكنني تجاهلت ذلك أيضا”.
وقالت: “فوجئت بأن ماريو استأذن لقضاء أمر مهم ليتركني معهم ليتحدثوا معي، فهم لا يريدون إشعاري بأي أشياء غريبة بالنسبة إلى سني وخبرتي. فقد طلبوا أن أبحث لهم عن مواقع تصلح لإقامة مشاريع استثمارية وأنهم سيغدقون علي ملايين الدولارات في حالة مساعدتهم وإمدادهم بمعلومات حول هذه المواقع. ولكن “تربيتي” جعلت خبرتي قليلة لم أفهم المطلوب تحديداً وماذا يريدون برغم شكي فيهم. ولم أنطق بكلمة وهم يتحدثون معي وتظاهرت بأنني “فاهمة” هم “عايزين إيه”.
استكملت: “عدت إلى غرفتي بالفندق وكتبت كل ما حدث معي، وكنت أشعر أنني تحت المراقبة حتي في غرفتي. لدرجة وصلت إلي أنني بدأت أفتش الغرفة بحثا عن كاميرات مراقبة. وكل ورقة أكتبها كنت أضعها في “صدري” كي لايطلعوا عليها إن كانوا يراقبونني. وأول شيء قمت به حيث توجهت إلي السفارة المصرية وطلبت مقابلة القنصل. ورويت له كل ما حدث وقلت له إنني أشك فيهم لكنني أريد تأمين نفسي وإثبات واقعة حدثت طلب مني مجاراتهم في حين سيتخذ هو اللازم”.
الإيقاع بالجاسوس
تابعت: “جاءني أحدهم ونزلنا إلي أحد المعارض الكبري في إيطاليا بحجة اصطحابي وتعريفي علي معالم البلد. وهم كانوا كثير لكن لا ترى اثنين منهم في وقت واحد، فعميل يسلمك لعميل. دون أن يظل معك أكثرمن يوم لهم وأخذوا يغرونني بحصولي على عمولات كبيرة دون جدوي. وعندما عدت لمنزلي فوجئت بأن أحد ضباط المخابرات المصرية سأل علّي، طبعا تضايقت وشعرت بأن أهلي سوف يتأثرون بذلك وانتابني الخوف الشديد. وذهبت إليهم مثلما طلبوا وجلسوا يحققون معي عن طبيعة بلاغي في إيطاليا للقنصل هناك ورويت كل ما حدث”.
واستأنفت: “تم التنسيق بيني و بين جهاز المخابرات وأعطوني مستندات بها أسرار خطيرة تمس الأمن القومي هم يعرفون أنهم بحاجة إليهم. لكنها أسرار للايقاع بالعملاء، وعرفت أن ماريو جاسوس لإسرائيل في مصر يجند العملاء لصالح الموساد وكانت الخطة للإيقاع به. طلب ماريو المقابلة ومعلومات وبالفعل طلبوا مني إعطاءه ميعاداً في أحد الكازينوهات المطلة علي النيل. وتقابلنا ولم يحضر معه أحد وجلسنا في إحدي الترابيزات المحددة والتي تم تجهيزها لعملية تسجيل ما يدور بيننا بجانب إنهم زودوني بأجهزة تسجيل وضعتها داخل طيات ملابسي. وبعد أن تقابلنا وجلسنا كان ضباط المخابرات يملأون المكان لكن لم يشعر بهم أحد ورأيت أحد الاشخاص بصحبة أسرته وأولاده يقوم بتصوير الأولاد والأسرة. واتضح بعد ذلك أنه أحد ضباط المخابرات لتكون القضية صوت وصورة، وبالفعل ألقوا القبض عليه بعد أن سلمته الأوراق والمعلومات التي يريدها”.
إشادة المحكمة العسكرية بـ ليلى عبد السلام
المحكمة العسكرية أشادت بي لأنني أبلغت على الفو عن ماريو، تم التحقيق معه بعد القبض عليه وأحيل للمحاكمة. وحكم عليه بالمؤبد بتهمة الجاسوسية والتخابر لصالح دولة أجنبية.
المسلسل يختلف عن الحقيقة ولا بد أن نفرق بين العمل الدرامي والواقع، فصناع المسلسل قدموا عملاً فنياً به كل “التحابيش” الدرامية التي تجعله جذاباً. والحقيقة نجحوا في ذلك تماماً، أما الحقيقة التي عشتها فقد كانت بالتأكيد مختلفة، فماريو، الجاسوس الحقيقي ، كانت مهمته صيد الجواسيس وتجنيدهم للعمل مع الموساد. وكان رجلاً كبيراً في السن يبلغ خمسين عاماً، وأنا كنت صغيرة جداً. ولم يمض على عملي كصحفية أكثر من عام، وقابلته صدفة في إيطاليا، ولم تكن بيننا أية علاقة عاطفية.