راسم عبيدات يكتب:هذا ما رجع به الهدهد
بقلم :- راسم عبيدات
عنوان الفيديو الذي بثه حزب الله لإحدى مسيراته لمدة 9 دقائق و 31ثانية،والذي قامت من خلاله طائرة ” الهدهد” المسيرة بتصوير مشاهد دقيقة ومفصلة لبنك من الأهداف الإستراتيجية والهامة في الشمال وبالذات في منطقة حيفا،وقبل الحديث عن الرسائل المباشرة و”المرمزة” من هذه المقاطع التي جرى بثها عبر هذا الفيديو،وما صوره من بنك اهداف استراتيجية وحيوية ” اسرائيلية، لا بد من التعريج على ما قالته الصحافة ووسائل الإعلام ” الإسرائيليية” حول عملية ” الهدهد”،فعلى سبيل المثال لا الحصر القناة الرابعة عشر “العبرية”،سخرت من ببانات الناطق العسكري للجيش”الإسرائيلي” حول ما عرف بصفارات الإنذار الكاذبة لتحليق مسيرات لحزب الله فوق حيفا،ولتكن تلك ” الإنذارات الكاذبة ” تصوير خليج حيفا ومناطق استراتيجية حساسة في الشمال،وكذلك قال الإعلام “الإسرائيلي” بأن الجيش ” الإسرائيلي” مطالب بالإجابة حول كيفية نجاح مسيرة لحزب الله في التحليق فوق الوسائل الأبهظ ثمناً للجيش ” الإسرائيلي” وهي ترسو في ميناء حيفا،وكذلك سخر هذا الإعلام من رد الناطق باسم الجيش ” الإسرائيلي” كما جاء في موقع “واللا ” العبري من قوله، بأنه جرى رصد ثلاث مسيرات لحزب الله فوق خليج حيفا واحدة سقطت في البحر والأخرى اختفت عن شاشة الرادار والثالثة،كانت صغيرة الحجم ومعدة للتصوير ولم تكن تحمل صواريخ هجومية،وعملية اسقاطها قد تثير الهلع بين السكان،أو أن اسقاطها،وما ينتج عن ذلك من شظايا قد تؤدي الى خسائر مادية او بشرية.وأيضاً الصحافة ” الإسرائيلية قالت بأن حزب الله الذي حرص على أن يهدأ وينام الشمال يومين،وهذا ما دعا نائب رئيس بلدية كريات شمونه السابق لكي يقول شكراً لسماحة رئيس حكومة الشمال نصر الله الذي منحنا اجازة يومين،ولكن إتضح بأن فترة الهدوء والإجازة تلك استغلها حزب الله في تصوير جميع اماكننا الإستراتيجية في خليج حيفا بأكمله…هذا الفيديو عندما نشرته المقاومة أرادت لرسائله ان تصل ،وما ظهر فيه من صور وكلمات ورموز وطريقة عرض لها معاني وابعاد ،يراد لها ان تنشر ،والنشر هنا لا يعني افشاء أسرار جلبها الهدهد وما حصل عليه الحزب من كنز معلومات تتصل بخطط “اسرائيل” واستعداداتها للحرب وغيرها من المعلومات الحساسة والدقيقة التي لم يكشف عنها الحزب .
مجموعة الرسائل المباشرة التي اراد حزب الله ايصالها من خلال هذا الفيديو ،هي تقول لقادة دولة الإحتلال، بأننا نعرف عنكم أكثر ما تعرفون عن أنفسكم،وبأننا موجودين عندكم في البر والبحر والجو،ونخطط لما هو لاحق،وقادرون ان نوجه لكم ضربات قاصمة وقاسية،فكل شيء عندكم من الأشد سرية وحساسية وخطر ،تحت التهديف والتصويب،وتحت نيران المقاومة وقدراتها في اصابته والوصول اليه،فالطائرة او الطائرات التي صورت،وحددت الأهداف بدقة وبوضوح،بأمكان مثيلاتها التي تحمل الصواريخ أن تنقض أو تطلق الصواريخ على تلك الأهداف،ويمكن لهذه الصورايخ ان تصل، والمقصود هنا الى حيفا،حيث المنشأت العسكرية الحساسة والتجمع السكاني الأضخم والعمق الإقتصادي المؤثر.
ومن الرسائل المراد ايصالها هنا، مثلما تحلقون فوق اجوائنا، فنحن قادرون ان نحلق فوق اجوائكم ،وبأن تهديداتكم بتوسيع دائرة الحرب على لبنان، هي جوفاء وفارغة، ونحن كنا قاصدين ان يتزامن نشر هذا الفيديو مع وجود الوسيط الأمريكي هوكشتاين ،والذي كان يحمل رسائل تهديد ” اسرائيلية” بتوسيع الحرب على لبنان، اذا لم يقم الحزب بتخفيض مستوى التصعيد ، بالقول بأن حزب الله لا يخشى التصعيد ” الإسرائيلي” ،وبان الحزب غير معني بحرب شاملة ولا يسعى لها،ولكن لا يخشها اذا ما فرضت عليه،وسيخوضها بكل طاقاته وإمكانياته وقدراته وبدون قواعد وضوابط وسقوف، وانه ملتزم بقواعد الإشتباك لمدايات 5 – 10 كم2 من الحدود،ولكن يضطر للخروج على تلك القواعد،عندما يقوم جيش الأحتلال بعمليات استهداف للمدنيين وتوسيع نطاق الإستهداف،كما حصل بقصف اهداف في بلعبك والهبارية واطراف صور،وكذلك القيام بعمليات اغتيال لقادة ونشطاء ،كما حصل في عمليات اغتيال الشيخ صالح العاروري ووسام الطويل والحاج عبدالله وسام طالب ” ابا طالب” ،فهنا الحزب ملزم بتوسيع المدايات الجغرافية والأهداف المستهدفة ونوعية الصواريخ والنيران المستخدمة في الرد.
ولذلك الرسالة تقول اذا لم يخفض جيش الإحتلال من مستوى نيرانه ولم يتوقف عن استهداف المدنيين وعمليات الإغتيال،فحيفا وما فيها من مقرات للغواصات والسفن الحربية والمجمعات البتروكمائية ومجمعات اقتصادية وتجارية وتجمعات سكانية كبرى،وميناء ومطار ومخازن لمحركات الصواريخ وقبب حديدية ومصانع حربية” رفائيل” ومحطات كهرباء وغيرها، ستكون ضمن الأهداف التي سيستهدفها الحزب في رده.
وحزب الله لن يوقف النار والتصعيد على جبهة الشمال ،ما لم تتوقف الحرب على قطاع غزة،فغزة مربط الفرس والحل.
وكذلك حزب الله يستخدم الحرب النفسية في هذا الفيديو للتاُثير على معنويات سكان الشمال،وتعزيز عدم ثقتهم بالقيادات الإسرائيلية بمستوياتها المختلفة عسكرية وأمنية وسياسية،وبأن قياداتهم تمارس الكذب والخداع معهم وغير قادرة على اعادتهم الى مستوطناتهم.
المسؤول السابق في “الشاباك”، شالوم بن حنان قال، إنّ الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، “يشعر بالثقة أكثر وأكثر كلّما طالت المعركة، لأنّ طابع القتال يسمح لحزب الله تحقيق إنجازات طوال الوقت في وقتٍ توجد حرب استنزاف”.وبأن نصر الله يوقف الحرب برغبة منه وبرغبة منه يستأنفها .
في المعاني المرمزة ، جرى استعارة اسم الهدهد ،حيث ورد في القرأن في صورة النور بأن كل شيء في الكون يصلي ويسبح الله بطريقته ،وبأن الطيور بتصفيق جناحاتها تؤدي صلاتها،وبأنها في حالة طيران طويل ،وهذا يعني بأن طائرة ” الهدهد” المسيرة تطير لمسافات طويلة،وهي التي صورت عن كثب تفاصيل التفاصيل في حيفا،وكذلك المعروف بأن الهدهد في القرأن الذي جاء للنبي سليمان يحمل اخبار الأعداء ،احطت بما لم تحط به انت وجنودك ،وجئتك من سبأ بنبأ يقين”،أي علمت بما لم تعلم به. والطائرة الهدهد هنا نقلت للمقاومة تفاصيل لم تنشر في الفيديو، تحيطها بمعلومات جديدة خطيرة، تشبه ما نقله الهدهد لسليمان عن استعدادات الحرب في مملكة سبأ، وملكتها بلقيس، وقادة الاحتلال يعلمون ما هي الأسرار التي باتت بحوزة المقاومة، وتتصل بالحرب المقبلة،والهدهد حسب النص القرأني،مكث بمكان غير بعيد، والمكوث هنا بالمعنى الزماني وليس المكاني،يعني أنه لم يهبط ويستقر،وهذا دلالة على نوعية الطائرة المستخدمة في التصوير ، بأنها قادرة على الطيران لساعات بدون توقف أو لربما لعدة ايام،لكي تنجز مهمة التصوير وتأتي للحزب وقيادته بالخبر اليقين.وكذلك لا ننسى بأن هناك الشريط المبثوث يتحدث عن حلقة أولى، أي هناك حلقات اخرى تحمل ما هو جديد من معلومات مهمة لحزب الله.
شريط ” الهدهد” في حلقته الأولى يؤكد على قدرات وإمكانيات حزب الله الإستخبارية، وبأنه نجح في جسر الهوة مع الإحتلال في فجوتين تكنولوجيتين الصورايخ والطائرات المسيرة التي يصعب التغلب عليها ،وما حصل يشكل فشل أمني واستخباري كبيرين لجيش الإحتلال وأجهزته الأمنية،ويضع علامات استفهام كبرى على إمكانية تحقيق الإحتلال لأي نصر عسكري في أي حرب قد يشنها على لبنان وحزب الله،بل ربما هذه الحرب تشكل خطر وتهديد وجودي ل” اسرائيل”.