أيها الزعيم ماذا فعلوا بك؟.. مسيرة أحمد عرابي من سيلان إلى السيدة زينب
أسماء صبحي
بعد هزيمة الزعيم المصري أحمد عرابي وفشل ثورته. غادر مصر على متن السفينة ماريوتيس متجها ألى جزيرة سيلان في يناير عام 1883.
في هذه الجزيرة المحاطة بالكامل بمياه المحيط الهندي، عانى عرابي ورفاقه من الظروف المناخية السيئة لتلك الجزيرة. والتي تتسم بطقس حار مع ارتفاع الرطوبة مما سبب له هو ورفاقه الكثير من المتاعب والصعوبات والأمراض والمشاكل المالية والهموم المتعاقبة التى تكالبت عليهم.
أحمد عرابي في المنفى
وصلت الباخرة ” ماريوتيس ” إلى ميناء كولومبو وعليها الزعيم المنفي أحمد عرابي وأسرته، وعدد من زعماء ثورة عرابي. يحرسهم عشرون جنديًا مصرياً يرأسهم موريس بك والمترجم و سامى عطا الله.
احتشد فى الميناء جماهير خفيرة غير مسبوقة لهذه الجزيرة الصغيرة، مما حال بين نزولهم أرض الميناء. فقرر المفتش الإنجليزى هولاند تأجيل هبوط الزعماء لليوم التالي.
وفي اليوم التالي، ازداد عدد الأهالي في الميناء وكلهم حماس لرؤية الزعيم المصري. ولاحظ البوليس أن النزول سيكون عسيراً جداً ولذلك طلب من الجماهير أن تبتعد عن الميناء. وإلا فلن ينزل عرابي بل سيبقى في السفينة.
نزل عرابي من الباخرة في الساعة الواحدة بعد الظهر هو وأفراد أسرته، وكان عددهم ستة. ومشس وراء عرابي الآلاف من أهالى الجزيرة، وتوقف البعض القليل لرؤية باقي الزعماء أثناء نزولهم من الباخرة ماريوتس.
ترحيب حار
رحب سكان الجزيرة ووجهاء سيلان أشد الترحيب بزعماء الثورة العرابية، وبخاصة عرابي. وأولموا لهم الولائم، وظلوا على مودتهم وولائهم له طول مدة إقامتهم. وأقام عرابي علاقات ممتازة مع قادة الجالية الإسلامية هناك، وساهم في إحداث تنمية ثقافية وتعليمية لديهم. من خلال الاهتمام بتدريس اللغتين الانجليزية والعربية وإنشاء المدرسة الزاهرة.
أصبح لعرابي مكانة عظيمة بين سكان الجزيرة والجزر المجاورة. حيث نقل عنه مسلمي الجزيرة بعض التفاصيل الحياتية حتى في الملبس. فقد سارعوا إلى استيراد الطرابيش من الخارج، فانتشر الطربوش والبنطلون ولبسوها أسوة به وبأصحابه.
صفقة مالية
وفى جزيرة المنفى تلك، حرص المستثمر الإنجليزي توماس ليبتون- ملك الشاي – التقرب بشدة من عرابي ورفاقه. ودعاهم لمدة أسبوع للإقامة في مزارع الشاي التي يمتلكها على سبيل الضيافة و التغيير. ثم عرض على عرابي باشا ما يشبه الصفقة المالية للاستفادة بأسمه في ترويج منتجاته من الشاي، إلا أن عرابي باشا رفض تلك الصفقة.
وبعد أن قضى عرابي في هذا المنفى ثمانية عشر عاما، بدأ يراسل الملكة فيكتوريا والخديوي عباس حلمي. ويتودد لهما طالبًا العودة إلى مصر، ونشرت جريدة المقطم نص التماس صرح به لأحد المراسلين البريطانيين قال فيه. “إنني أبغى أن أموت في بلادي، بين أهلي وخلاني، و أشتهى أن أرى مصر و الذين أحبهم قبل دنو أجلي. فإذا أذنت لي إنجلترا في الذهاب إلى مصر، فإنني أذهب كصديق لا عدو مقاوم. وأقسم بشرفي أنني لا أتصدر للسياسة بوجه من الوجوه. هذا ما أسأله من أمتكم العظيمة التي عاملتني بالرفق والشفقة”.
وبعد عودته من المنفي ووصوله إلى ميناء السويس فى التاسع والعشرين من سبتمبر من عام 1901. هاجمه بضراوه وقسوة الشاب الوطني الصاعد آنذاك، الزعيم مصطفى كامل. واهتزت صورته الوطنية الخالدة في وجدان المصريين، ونظروا لعرابي على أنه تم ترويضه على أيدي الاحتلال. وظل عرابى حبيس بيته العتيق ليقيم مع أولاده بحي السيدة زينب، معتزلا السياسة حزينًا كسيرا مكتئباً لا يغادر منزله الا للصلاة، حتى سقط من ذاكرة الجميع.
وفاة أحمد عرابي
مرض الزعيم وظل فى بيته راقداً على فراش الموت، لا يجد أهله المال اللازم لتكفينه ودفنه. وانتظر الأهل الفرج الذى جاء بضربة حظ حين أمرت وزارة المالية بصرف المعاشات مبكراً قبل عيد الفطر.