تعتبر دار ابن لقمان في مدينة المنصورة من أبرز المعالم التاريخية التي ترتبط بالتاريخ الإسلامي، حيث شهدت أحداثاً هامة تمثلت في أسر الملك لويس التاسع، ملك فرنسا، بعد معركة مؤثرة قرب المدينة.
تأتي الأهمية التاريخية لدار ابن لقمان من كونها شهدت نهاية الحروب الصليبية على الشرق العربي. حيث أعلن لويس التاسع ملك فرنسا أنه سيقود غزوة صليبية هائلة (الحملة الصليبية السابعة) وأن هدفه هو الاستيلاء على مصر التي كانت تمثل العقبة الكبرى في طريق استرداده لبيت المقدس .
الأهمية التاريخية للدار
تجمعت جيوش هذه الحملة في قبرص في ربيع عام 1248م وعلى رأسها الملك لويس التاسع نفسه ولكنها تأخرت هناك لمدة 8 شهور وصلت أثناءها أخبار الحملة إلى مصر عن طريق الإمبراطور فريدريك الثالث. كان الملك الصالح نجم الدين أيوب في دمشق حين وصلت الحملة إلى دمياط فلما علم بأخبارها عاد مسرعاً إلى مصر.
وتحركت الحملة بعد نزولها إلى جيزة دمياط باتجاه فارسكور إلا أن الملك الصالح نجم الدين أيوب مات فأخفت زوجته شجر الدر خبر وفاته لحين عودة ابنه توران شاه من حصن كيفا الواقع على ضفاف دجلة. تولى المملوك بيبرس البندقداري قيادة قوات المسلمين وإنزال الهزيمة بالفرنج في معركة المنصورة التي أبلى العامة فيها بلاء حسنا وقتل في هذه المعركة روبرت كونت أرتوا أخو الملك لويس التاسع والذي كان على رأس الجيش بينما كان لويس التاسع عند مخاضة سلمون على بحر أشموم طناح في طريقه إلى المنصورة.
عند وصول الملك توران شاه وتوليه قيادة الجيش المصري. بدأت العمليات الحربية بالاستيلاء على جميع المراكب الفرنسية التي تحمل الإمدادات للغزاة، مما أدى إلى عرقلة خطوط إمدادهم ونفاد ذخيرتهم وعتادهم الحربي. واضطرارهم للانسحاب نحو دمياط. لكن قوات المسلمين قطعت الطريق عليهم وطاردتهم. وحاصرتهم قرب بلدة ميت الخولي عبد الله بالقرب من المنصورة. وفي معركة ضارية، تم أسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا. حيث تم نقله إلى دار كاتب الإنشاء فخر الدين بن لقمان.
أسر لويس التاسع
بعد ذلك، استسلم لويس التاسع لمصيره. وأرسل أسيرًا إلى دار إبراهيم بن لقمان قاضي المنصورة. فأشترط المصريون تسليم دمياط وجلاء الحملة عن مصر قبل إطلاق سراح الملك الأسير وغيره من كبار الأسرى. وكانت شرطًا آخر للإفراج دفع فدية كبيرة. فلم يكن أمام لويس إلا الإذعان، فافتدى نفسه وبقية جنوده بفدية قدرها عشرة ملايين من الفرنكات.
موقع الدار يقع وسط شارع بورسعيد في المنصورة. وقد بنيت على طراز عمارة إسلامية تقليدية، حيث كانت تقع على شاطئ النيل قديماً، وتتألف من طابقين يضمان مجموعة من الغرف والصالات، مع وجود سلم خشبي يصل الطابقين.
تقدم الدار اليوم معلماً سياحياً يحكي قصة مرور الحروب الصليبية وأحداثها في المنطقة. حيث تحتوي على متحف يعرض صوراً ومجسمات تاريخية تروي تفاصيل المعركة وأحداثها.
وتعكس الأبيات الشعرية المنقوشة فوق باب الدار جوانب من الحكاية التاريخية للمكان، وتعكس شعور المصريين بالانتصار والعزة بعد انتهاء الصراع.”