تاريخ ومزارات

9 ساعات فقط.. قصة أقصر برلمان في تاريخ مصر

أسماء صبحي 

برلمان التسع ساعات، أقصر برلمان في تاريخ مصر، حيث تم انعقاده الساعة الحادية عشرة صباحاً، وصدر قرار بحله في الساعة الثامنة مساءً. هو البرلمان الثاني لثورة 1919 تم انتخابه في 12 مارس عام 1925، بعد أن حل الملك فؤاد البرلمان الأول. وكان من المفترض أن تتم الدعوة لانتخاب البرلمان الجديد فى حدود شهرين. ولكن وزارة زيوار باشا ماطلت فى الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة متحدية نصوص الدستور. لكن مع ارتفاع حدة الضغوط من القوى السياسية والاحتجاجات الشعبية. قامت بتحديد موعد الانتخابات التى دخلها حزب الوفد مدافعاً عن الديمقراطية وعن الدستور.

تزوير الانتخابات

كانت وزارة زيوار تنوي أن تزور نتيجة الانتخابات لصالحها وتسقط حزب الوفد. فقامت فى 10 يناير 1925 بتأسيس حزب عرف بحزب الاتحاد، وتم تقديم الحزب الجديد كحزب للعرش. ليكون ذراعاً مباشرة للملك في الانتخابات مشكلاً بذلك تحالفاً معادياً لحزب الوفد. بانضمامه لكل من الحزب الوطنى، وحزب الأحرار الدستوريين، يدعمها القصر والإنجليز، وبدأ في الاستعداد للانتخابات.

بدأت وزارة “زيوار”، وفي مقدمتها وزير الداخلية إسماعيل صدقي اتخاذ العديد من الإجراءات للتلاعب في الانتخابات. وضمانة خسارة حزب الوفد وحصولها هي على الأغلبية. ومنها إلغاء الانتخاب المباشر لجميع أفراد الشعب الذي نص عليه قانون الانتخابات الجديد الذى عدله البرلمان المنحل. لعلمها بشعبية حزب الوفد في الشارع المصري.

كما امتد تلاعب الوزارة لتغيير حدود الدوائر الانتخابية، لتتشكل حسب رغبات مرشحى الحكومة، لتعطيهم أفضلية على مرشحى الوفد. كما قامت بفتح باب الترشيح بعد انتهاء ميعاده القانوني في بعض الدوائر لحساب مرشحيها.

ومع اقتراب موعد الانتخابات، قام إسماعيل صدقى وزير الداخلية، بقمع ومطاردة أنصار حزب الوفد، وكل من يعادي ويعارض الحكومة. كما وجه أوامر واضحة للمحافظين ورؤساء المديريات بدعم مرشحى الائتلاف الحكومى ضد حزب الوفد بأى ثمن. وحذرهم من أن المحافظ الذى ينجح وفدى فى دائرته سيتحمل المسئولية أمامه.

قيود صارمة

ومنذ يوم 25 فبراير حاصر أفراد الشرطة بيت سعد زغلول ومنعوا أي شخص من أنصاره من الاتصال به خلال المعركة الانتخابية. ووقفوا على الشوارع المؤدية إلى بيته وأصدرت وزارة الداخلية قراراً بالتصويت بالقلم الرصاص الأسود. الذي اعتبره حزب الوفد دليلاً على نية الحكومة التزوير وأصروا على استخدام القلم الحبر لمنع التزوير.

كذلك أصدرت الداخلية قراراً بتعيين مندوبى المرشحين فى اللجان لمنع مندوبي الوفد من دخول اللجان الانتخابية. وبلغ التدخل ذروته بقرار وزير الداخلية الذي صدر في أسبوع الانتخابات، بمنع احتشاد الناس قرب مقار اللجان. وأن تسد الطرق الموصلة لها على بعد كاف يقدره البوليس، ومنع المظاهرات والاجتماعات يوم الانتخابات. واتخاذ الإجراءات ضد الطلاب الذين يشاركون فى الحملات الانتخابية، ما دام كانوا غير مقيدين في كشوف الناخبين.

تمت الانتخابات يوم 12 مارس، وفي 13 مارس أعلن “زيوار” حصول الائتلاف الحكومى على الأغلبية. فقرر الاستمرار فى الحكم مع تعديل في شكل الوزارة لتتناسب مع نتيجة الانتخابات. وأتى التشكيل الجديد خليطاً من حزب الأحرار الدستوريين وحزب الاتحاد وبعض المستقلين.

أقصر برلمان

اجتمع البرلمان بمجلسيه على هيئة مؤتمر صباح يوم 23 مارس 1925، ورأس الاجتماع محمد توفيق نسيم باشا رئيس مجلس الشيوخ. وحضر الملك فؤاد حفلة الافتتاح، وتلا “زيوار” خطاب العرش، ثم انفض المؤتمر

اجتمع مجلس النواب في نحو الساعة الحادية عشرة قبل الظهر وبدأ في انتخاب رئيساً للمجلس. إذ كان التنافس علي الرئاسة بين سعد زغلول وعبدالخالق ثروت بطريقة التصويت السري طبقاً للقاعدة المتبعة.

كانت هناك مفاجأة من العيار الثقيل، وهى أن أغلبية النواب من الوفديين. فنال سعد 123 صوتاً ونال ثروت 85 صوتاً فقط. فظهرت بذلك النتيجة أغلبية وفدية خلافاً لما زعمته الحكومة في بلاغها يوم 13 مارس. واتضح أنها قامت بعملية تزوير فاضحة وظهر أن الوزارة لا تحوز ثقة المجلس الجديد، فكانت هذه النتيجة صدمة شديدة للوزارة.

رفعت حكومة “زيوار” استقالتها إلى الملك فؤاد عصر ذلك اليوم منددًة بتعارض سياسة مجلس النواب مع سياسة الحكومة. ولكن الملك رفض الاستقالة، فاقترحت الوزارة عليه حل البرلمان. فأصدر قرار الحل ضاربًا بالدستور عرض الحائط.

دخل زيوار على النواب فى الساعة الثامنة إلا ربعاً، وخاطبهم. قائلاً: “أتشرف بإخبار المجلس أن الوزارة رفعت استقالتها إلى جلالة الملك فأبى قبولها. فأشارت على جلالته بحل المجلس فأصدر المرسوم الآتى نصه”. وتلا عليهم قرار حل أقصر برلمان، ولم يمضِ على انعقاد المجلس سوى تسع ساعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى