تاريخ ومزارات

حرق مدينة الفسطاط: الخطوة اليائسة للوقاية من الصليبيين

شاور بن مجير السعدي، الوزير المصري في عهد الحروب الصليبية، كان شخصية بارزة ومثيرة للجدل. بدأ مساره المهني كمستشار للصالح ابن زريك، لكن تطور الخلاف بينه وبين ابنه دفعه للبحث عن دعم خارجي. لهذا الغرض، طلب مساعدة نور الدين زنكي، ملك دمشق، وأرسلهما إلى مصر، لكن شاور غدر بهما وتآمر مع الصليبيين، مما أدى إلى مقتلهما.

شغل منصب وزير العاضد لدين الله، حاكم مصر، في العام 558 هـ. خدم الصالح بن رزيك، وأثبت كفاءته العالية وقوة تأثيره. وعلى الرغم من عدم رضا الصالح عنه، لم يستطع عزله بسبب قوته السياسية والعسكرية. عند وفاته، تولى ابنه العادل منصبه، لكنه تعرض للعزل والقتل على يد جماعة معارضة.

حرق مدينة الفسطاط

تعكس قصة مدينة الفسطاط التي أحرقها الوزير شاور خوفًا من اقتحام الصليبيين  فصلًا مأساويًا في تاريخ مصر خلال الحروب الصليبية. وكانت هذه الحادثة جزءًا من الأحداث الهامة التي شهدتها المنطقة في ذلك الوقت.

مدينة الفسطاط كانت عاصمة مصر الفاطمية وواحدة من أهم المدن الإسلامية في ذلك الوقت، وكانت تعتبر قلب الحضارة والثقافة الإسلامية. ومع تصاعد التوترات مع الصليبيين الذين كانوا يهددون بالهجوم على مصر. زادت حالة القلق والتوتر في المدينة.

في هذا السياق، فضل الوزير شاور اتخاذ إجراء لمنع دخول الصليبيين إلى المدينة. فقرر حرق مدينة الفسطاط بالكامل. تمثل هذه الخطوة خيارًا يائسًا ومأساويًا، حيث أدت إلى دمار شامل للمدينة وخسائر بشرية كبيرة.

مع اندلاع الحريق، تصاعدت حالة الذعر والفوضى في أنحاء المدينة، وعانى السكان من الخسائر الفادحة والمعاناة. وعلى الرغم من جهود الإطفاء التي بذلها السكان والسلطات المحلية. إلا أن الحريق استمر لمدة 45 يومًا، مما أدى إلى تدمير شامل للمدينة وما فيها من ممتلكات وموارد ثقافية واقتصادية.

تعتبر حادثة حرق مدينة الفسطاط واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ مصر.وتظل تذكيرًا بالتداعيات الفظيعة للصراعات العسكرية والحروب على الحضارة والثقافة الإنسانية. وفي نهاية المطاف، لم تمنع هذه الخطوة اليائسة دخول الصليبيين، بل أدت فقط إلى تدمير ما كان يمكن أن يكون ملاذًا آمنًا للسكان.

توفي شاور بن مجير السعدي في عام 564 هـ بعد أن قتله أسد الدين شيركوه بأمر من الخليفة العاضد لدين الله. يُروى أنه دعا صلاح الدين وعمه لحضور وليمة، لكنهما رفضا. وبعد ذلك ذهب شاور إلى معسكرهم وقتلوه هناك. وهناك أيضًا أقاويل تشير إلى أن شاور كان الشخص الذي أمر بإحراق مدينة الفسطاط بمصر لتعطيل تقدم الصليبيين، وهذه الخطة العسكرية الفاشلة أدت إلى دمار المدينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى