فنون و ادب

أشهرهم “نجيب الريحاني”.. فنانون أضحكونا لكن قلوبهم بكت

رحلة الألم الذي يأتي فجأة دون أن يعد له النجم، فيكتشف أن الأيام سرقته. والأضواء أخفت عنه أنه سيأتي عليه اليوم الذي يتعرض للحاجة وهو على فراش المرض أو حتى دون المرض.

نجيب الريحاني

في الأيام الأخيرة من شهر مايو والأسبوع الأول من يونيو عام 1949. تدهورت صحة الفنان الكبير نجيب الريحاني بشكل ينذر بالخطر. مما اضطره لإنهاء عروض مسرحية بالإسكندرية والعودة للقاهرة، حيث أدخل المستشفي اليوناني بالعباسية مصابا بالتيفوئيد بعد أن كان يعاني منذ شهر من أزمة قلبية. تلتها نزلة شعبية حادة، جعلت قلبه ورئتيه عليلتين إلى جانب إصابته بالتيفوئيد.

وقيل وقتها إن شفاء نجيب الريحاني مرهون بدواء لا يوجد إلا في الولايات المتحدة الأميركية. وبذلت جهود جبارة حتي تم الحصول على هذا الدواء. وقبل أن يتناوله الريحاني حذره مدير المستشفي اليوناني بأن هذا الدواء يمثل خطرًا علي حياته. ولكن كان الريحاني يتشبث بأي أمل للشفاء فلم يستمع لنصيحة الطبيب فأخذ الدواء ليتوفى مباشرة إثر جلطة قلبية نتيجة تناوله لهذا الدواء.

كان ذلك على أرجح الأقوال في يوم الأربعاء التاسع من يونيو من عام 1949 وقد اهتزت القلوب لوفاته. وسالت له الدموع حزنًا عليه، فقد ذهب الفنان الساخر الفيلسوف الحكيم صاحب السعادة بدون رجعة. وقال وهو على فراش الموت: “أضحكت الدنيا وقلبي يبكي”.

علي الكسار

كما عانى الفنان الشهير علي الكسار في أخريات أيامه من انتكاسة فنية جعلته يقوم بأدوار ثانوية. بعد أن كان النجم الأوحد الذي أضحك الملايين.

اللافت للنظر أن تراجع الكسار تزامن مع تنامي تيار الكوميديا عقب نهاية الحرب العالمية الثانية. ولم يستطع الكسار أن يتلاءم مع هذا التطور فترك نفسه للتيار حتى توقف عن التمثيل السينمائي عام 1953. واضطر لقبول بعض الأعمال المسرحية التي لا تناسب قيمته الفنية. وسقط فريسة المرض ودخل مستشفى قصر العيني لإجراء جراحة في المسالك البولية. فلقي ربه وحيدًا فقيرًا في الخامس عشر من يناير عام 1957.

عبد الفتاح القصري

جاءت نهاية الفنان الكبير عبد الفتاح القصري مأساة حقيقية بكل المقاييس. فبينما كان يؤدي دوره في إحدى المسرحيات مع إسماعيل ياسين. إذا به يصاب بالعمى المفاجئ، فيصرخ قائلًا: “لا أستطيع الرؤية”. واعتقد الجمهور أن هذا الأمر ضمن أحداث المسرحية فزاد الضحك وزادت المأساة. بينما أدرك إسماعيل ياسين حقيقة ما أصاب صديقه عبد الفتاح القصري فسحبه إلى كواليس المسرح.

ومع نكبة العمي جاءته نكبة أخرى بتنكر زوجته الشابة له، وطلبها الطلاق منه. بل والزواج من صبي كان القصري يعطف عليه، وتركته زوجته السابقة حبيس غرفة حقيرة يعاني من الظلمة والقهر والمرض. فأصيب بتصلب في الشرايين أثر على مخه مما أدى إلى إصابته بفقدان الذاكرة والهذيان المستمر.

توالت النكبات فقررت البلدية إزالة منزله، ومن مأساة إلى أخرى جاءت نهاية عبد الفتاح القصري في مستشفي المبرة. حيث لقي ربه في صباح الأحد الثامن من مارس عام 1964. ولم يحضر جنازته سوى أربعة أفراد شيعوه إلى مثواه الأخير.

استيفان روستي

كان استيفان روستي قادرا على انتزاع الضحكات من مشاهدي أفلامه ومسرحياته. بعباراته الشهيرة التي مازلنا نرددها حتى الآن مثل (نشنت يا فالح). وجاءت قصة وفاته مثيرة كأفلامه، فبينما كان المعروف عن استيفان روستي أنه محتفظ بحيويته رغم تقدمه في السن. إلا أنه مساء الثاني عشر من مايو 1964 وصل كعادته إلى مقهى (سفنكس) بوسط القاهرة. وبدأ في ممارسة الطاولة لعبته المفضلة، ولكنه لم يستطع إكمال اللعب. إذ فوجئ بألم مفاجئ نقل على أثره إلى أحد الأطباء الذي اكتشف أنه قد أصيب بانسداد في صمامات القلب.

بعد ساعة واحدة أسلم استيفان روستي الروح لبارئها عن عمر يناهز الثالثة والسبعين عاما. ولم يكن في بيته سوى سبعة جنيهات، وفي صباح اليوم التالي لوفاته اكتشفت أسرته سرقة سيارته. وبعد أسبوع آخر أصيبت زوجته بالجنون حزناً على حياته السعيدة التي طالما رسمت البسمة على شفتيها وفوق وجوه كل محبيه.

عبد السلام النابلسي

وبعيداً عن مصر التي أحبها عبد السلام النابلسي، وبعد أن غادرها إلى بيروت هربًا من الضرائب. وفي الأشهر الأخيرة من حياته خسر كل أمواله بعد أن أفلس البنك الذي كان يودعها به. بعدها اشتكى النابلسي من آلام رهيبة في معدته جعلته يضرب عن الطعام تماماً. حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في الخامس من يوليو 1968.

وفي اليوم التالي شيع محبوه في لبنان جنازته، وتكفل فريد الأطرش بنفقات الجنازة. وبعد وفاة النابلسي بأيام كشفت صديقته القديمة (زمردة) سرًا يتعلق بحقيقة مرضه. حيث أكدت أنه كان مريضًا بالقلب منذ عشرة أعوام قبل وفاته. وأنه تعمد إخفاء هذه الحقيقة حتي لا يعزف المخرجون والمنتجون عن الاستعانة به في أفلامهم. وهكذا ظل النابلسي يكتم آهاته وآلامه عن الجميع

زينات صدقي

بعد أن اكتسحت الفنانة زينات صدقي مجال الكوميديا النسائية، مع عدد قليل من نجمات السينما المصرية. مثل ماري منيب ووداد حمدي في فترة الستينيات، بدأ نجمها في الأفول وأدار لها زملاؤها ظهورهم. فاضطرت لأن تبيع أثاث بيتها حتى تحصل على الطعام.

فزينات التي أضحكت الملايين لا تجد من يواسيها بكلمة طيبة، أو يمسح دموعها المأساوية. وظلت في طي التجاهل، حتى كرمها السادات في عيد الفن عام 1976. ومع ذلك فقد لازمتها ظروفها القاسية حتى اللحظات الأخيرة من حياتها. بعد أن أصيبت بماء على الرئة، وتوفيت صباح الخميس الثاني من مارس 1978.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى