راسم عبيدات يكتب :هل تسهم قضية تجنيد اليهود “الحريديم” في إسقاط نتنياهو..؟؟؟
راسم عبيدات يكتب :هل تسهم قضية تجنيد اليهود “الحريديم” في إسقاط نتنياهو..؟؟؟
أعادت تهديدات الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين في “إسرائيل”، إسحاق يوسف،بالهجرة الجماعية لليهود الحريديم من “إسرائيل” في حال إلزام طلاب المدارس الدينية اليهودية بالخدمة العسكرية، تسليط الأضواء مجدداً وبشكل كبير،على خلاف عميق داخل المجتمع الإسرائيلي، حول توزيع عبء الخدمة العسكرية على فئات المجتمع كافة، في ظل رفض المتدينين “الحريديم” الخدمة في “الجيش” الإسرائيلي، بحجة أنها تتعارض مع تفرغهم لدراسة التوراة وفق مقولة ” توراتهم مهنتهم”.
وفي هذا المجال يقول الحاخام الأكبر لليهود ” الحريديم”،يتسحاق يوسف”،على خلفية هذه القضية ” اليهود العلمانيون الذين لا يفهمون هذا،عليهم أن يفهموا أنه من دون التوراة، من دون تعلم التوراة، من دون المدارس الدينية، لن يكون هناك وجود (للإسرائيليين)، ولن يكون هناك نجاح للجيش… الجنود ينجحون بفضل أبناء التوراة. أيها السادة، يجب على الجميع أن يقولوا هذا بفخر. نعم، نحن ننشغل بالتوراة، والتوراة هي التي تحمينا”.
هذه الأقوال للحاخام يوسف،دفعت بزعيم المعارضة لبيد للقول بأن هذه الأقوال،هي وسمة عار في جبين الجيش “الإسرائيلي”،وتضر بأمن ووحدة المجتمع اليهودي،وهذا القضية القديمة الجديدة، فجرت إنقسام يهودي داخلي،في وقت بات الداخل “الإسرائيلي” مثقل بالصراعات والأزمات والإنقسامات في وجه نتنياهو وحكومته،على خلفية الحرب على قطاع غزة،وكيفية إدارة المعركة،وفيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى عند المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها حركة حماس،حيث أزمة استعادة الأسرى تتفاعل بشكل قوي،وهناك إتهامات لنتنياهو من قبل اهالي الأسرى،وكذلك من أطراف نافذة في المعارضة وفي المجلس الحربي المصغر غانتس وايزنكوت،وحتى ضمن الطاقم المفاوض، فرئيس “الشاباك” ديفيد برنياع،يقول بأنه يجب منح الطاقم المفاوضات صلاحيات اوسع،وأن يكون هناك مرونة اكبر في المفاوضات،لكي يتم إنجاز الصفقة،ولكن نتنياهو يصر أن الطريق الوحيد لإستعادة الأٍسرى لا يتم إلا عبر عملية برية واسعة في رفح،تشكل ضغط عسكري قوي على المقاومة وحماس،من أجل أستعادة هؤلاء الأسرى …وباتت المعارضة وأهالي الأسرى والعديد من القادة الأمنيين والعسكريين السابقين،بما فيهم رؤوساء وزراء سابقين أمثال يهودا أولمرت ويهود بارك، مقتنعين بأن نتنياهو،يطيل أمد المعركة والحرب على قطاع غزة،من أجل تحقيق مصالحه الشخصية،ومنع إنهيار وتفكك حكومته من داخلها.
هذه القضية التي يصاحبها تأزم في العلاقات الشخصية بين نتنياهو وبايدن،وتصاعد الخلاف بينهما على خلفية معركة رفح،حيث الجانب الأمريكي لديه اعتراضات على أساليب تحقيق الأهداف،وهناك اتفاق حول القضاء على المقاومة وفي قلبها حماس،وأن لا تشكل المقاومة مستقبلاً خطراً على مستوطنات غلاف غزة،وأن يتم استعادة الأسرى لدى المقاومة وصولاً للطرد والتهجير .
الإعتراض الأمريكي ناتج عن أن عملية برية واسعة في رفح،قد تسهم ليس في قتل عدد كبير من المدنيين،في حال شن هذه العملية،وعدم توفر ممرات وأماكن امنة لهم،بل من شأنها أن تعقد وضع بايدن الداخلي،حيث الإتهامات تطال إدارته، بأنها الشريك المباشر لدولة الإحتلال في الحرب التي ترتكب فيها حسب محكمة العدل الدولية جرائم إبادة جماعية وتجويع وتطهير عرقي،وهذا من شأنه ان يقلل من فرص فوز بايدن في الإنتخابات الرئاسية القادمة،في ظل تراجع شعبيته إرتباطاً بالشراكة في العدوان على قطاع غزة،وكذلك الخشية بان يكون لتلك العملية،تداعيات نحو تصاعد الحرب،لأكثر من ساحة وجبهة،وبما يسهم في زيادة عزلة ” اسرائيل” السياسية والإقتصادية دولياً وفرض عقوبات عليها،بقطع العلاقات الدبلوماسية معها ومنع توريد السلاح اليها.
الحرب المتواصلة لمدة ستة شهور ، قادت الى نقص في العنصر البشري من الجيش،لكي يستمر في حربه على قطاع غزة،وربما الإستعداد لخوض حرب على نحو أوسع وأشمل على الجبهة الشمالية،وبالتالي الإحتياط الذي جرى تجنيده في حرب غزة (360) ألف جندي،كان له تداعيات اقتصادية وعسكرية،حيث أنهك الجنود وتراجعت دافعيتهم وروحهم المعنوية للقتال ،وجزء منهم بات يشعر بأن هذه الحرب بلا فائدة وبلا اهداف،ولذلك عندما طلبت الحكومة تمديد الخدمة العسكرية للجنود من 32 – 36 شهر،برزت قضية تجنيد اليهود ” الحريديم” ،والعمل على توزيع تحمل العبء العسكري على الجميع،والمسألة لن تقف عند حدود العبء العسكري بعدم تجنيد اليهود ” الحريديم” بل عبء اقتصادي ومالي، فهؤلاء المتدينين، يتلقون اموال من الحكومة دون المساهمة ،لا في الإنتاج ولا في الإقتصاد.
ما يعرف بمحكمة العدل العليا ” الإسرائيلية” ،قالت بشكل واضح بأن الأساس القانوني لعدم تجنيد اليهود ” الحريديم” ينتهي في 1/4/2024،وعلى الحكومة ان تقدم خطة واضحة،حول عدم تجنيد اليهود ” الحريديم”،وهذا القرار أدخل حكومة نتنياهو واحزاب الفاشية اليهودية والليكود في “حيص بيص”،فهم يدركون جيداً صعوبة الخيارات هنا،فإذا أيدوا التجنيد،حركة “شاس” ستنسحب من الحكومة،وبالتالي تسقط حكومة اليمين المتطرف والفاشية اليهودية،واذا أصروا على موقفهم بعدم تجنيد اليهود ” الحريديم” بشكل كلي أو جزئي،ومرر هذا القرار،سيكون هناك تصدعات داخلية على مستوى الليكود،حيث غالانت ،وزير حرب “اسرائيل” يقف الى جانب التجنيد،وغانتس وايزنكوت،قالا بأنه اذا مرر هذا القرار سينسحبان من حكومة الطوارىء،والمستشارة القضائية للحكومة غالي بيهاراف ميارا،أوعزت للوزارات بوقف جزئي بتمويل المؤسسات الدينية،من بداية نيسان القادم،ومقترح نتنياهو بتجنيد ثابت 2500 من اليهود “الحرديم” سنوياً لن يقبل،وكذلك تجنيد ” الحريديم” ليس بالأمر السهل،وقيادة الجيش ليست مستعجلة على تجنيدهم، فالتكلفة المالية،ستكون كبيرة وضعف أو اضعاف تكلفة الجندي النظامي، فهؤلاء لديهم نسبة توالد عليه وعدد كبير من الأطفال ،حيث يتزوجون مبكراً، وشروط خدمتهم تتطلب من القادة إجراء الكثير من المواءمات (ضوابط دينية)، لذلك، لا توجد حافزية كبيرة من جانب الجيش أيضاً لاستيعابهم”.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” أشارت إلى أن حدث قانون التجنيد هو “حبة بطاطا ملتهبة من غير الواضح كيف يمكن تبريدها حالياً، على الرغم من أن لا أحد في إسرائيل يهتم بصب المزيد من الزيت على هذه النار، وعلى الرغم من محاولة الابتعاد عن الموضوع قدر المستطاع، فإن الحرب الطائفية القديمة بين الحريديم ورجال الصهيونية الدينيّة تضع بن غفير وسموترتش على حد سواء أمام واحدة من أصعب معضلاتهما، وربما حتى أمام اختبار حاسم.
وحذرت الصحيفة إلى أنه في الشؤون الدينية، يدور الحديث عن برميل متفجرات سياسية، قد ينفجر في أي لحظة، فحزب شاس (الحريدي) ليس بن غفير.
ولذلك تفجير هذه القضية، قد يكون واحدة من القضايا التي تستخدمها الإدارة الأمريكية من أجل اضعاف حكومة نتنياهو،والتي بات مزعج ومقلق لهذه الإدارة بتحديها وتمرده على تعليماتها وتوجيهاتها،وبإندفاعته وحماقاته،قد يدفع تجاه سقوط بايدن في الإنتخابات الرئاسية،ولذلك الإدارة الأمريكية في إطار المفاضلة في المصالح والأولويات، قد تدفع نحو اختفاء نتنياهو عن المشهد السياسي ،ولن تأسف على رحيله.
ولكن نحن ندرك بأن إزاحة نتنياهو عن المشهد السياسي ليست بالسهولة، فهذا الرجل بارع في تصدير أزماته الداخلية نحو الخارج،وهو ربما من خلال التصعيد الذي يقوم به على جبهتي سوريا ولبنان،قد يدفع بالأمور الى حرب واسعة على أكثر من جبهة،بحيث يخلط الأوراق،ويعطل مفاعيل أي خطة أمريكية بالتعاون مع حلفائها في حكومة الإحتلال أو المجلس الحربي المصغر،تقصيه عن المشهد السياسي، وتؤدي به الى السجن بالتهم المنظورة ضده امام قضاء دولة الإحتلال الرشوة وسوء الإئتمان وخيانة الأمانة،مضافاً لها تهم الفشل الأمني والإستخباري في 7 أكتوبر وما نتج عنها من هزيمة “اسرائيلية.