حوارات و تقارير

بأمر بن طولون: فتح الأبواب وموائد الرحمن في شهر الصيام

أصدر أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية، قرارًا تاريخيًا قبل أكثر من 1140 عامًا، في خطبة مؤثرة ألقاها خلال مأدبة ضخمة في اليوم الأول من شهر رمضان، موجهًا كلماته للتجار والنبلاء بأن يكونوا مضيافين ومعطاءين، مطالبًا إياهم بفتح أبواب منازلهم وتقديم الطعام للمحتاجين والمعوزين، وحذر من أن عدم الامتثال لهذا الأمر سيؤدي إلى عقوبات شديدة. كما أمر بنشر هذا القرار في جميع أنحاء البلاد.

 جذور موائد الرحمن

تعود جذور موائد الرحمن إلى هذه الفترة، حيث يُذكر في كتاب ‘شهر رمضان في الجاهلية والإسلام’ للدكتور أحمد المنزلاوي، أن ابن طولون، المعروف بكرمه وعطفه على الفقراء، كان يقيم ولائم كبيرة للأمراء والوجهاء لمدة ثلاث سنوات بعد توليه الحكم، وفي السنة الرابعة، دعا الأعيان والتجار والأثرياء إلى وليمة فاخرة، وبعد انتهائها، ألقى خطبة تحث على البر والإحسان.

انتشرت موائد الرحمن بعد هذه الخطبة، وأصبحت تقليدًا مستمرًا حتى يومنا هذا، حيث كان الأثرياء يرسلون خدمهم لدعوة الصائمين للإفطار، وأحيانًا حتى بالقوة. وقد لاحظ ابن طولون العمال يعملون حتى الغروب، فأمر بإنهاء عملهم في ساعة العصر ليتمكنوا من العودة إلى منازلهم، وهو تقليد استمر في شهر رمضان.

وفي هذا الصدد أوضح الدكتور محمد فوزي أستاذ التاريخ بجامعة مطروح، كانت هناك عادات رمضانية أخرى مثل تلك التي اتبعها الخليفة العباسي هارون الرشيد، الذي كان يقيم ولائم للصائمين ويتجول بينهم متخفيًا ليسألهم عن رأيهم في الطعام والخدمة. وفي مصر، أقام الإمام الليث بن سعد مائدة للفقراء، وكان يقدم لهم أطيب الأطعمة، بينما كان يكتفي هو بالخبز والفول، وفي منفلوط بمحافظة أسيوط، تُعد مائدة الأشراف التي ينظمها أنصار الشيخ صلاح القوصي من أكبر موائد الرحمن في الصعيد، حيث تقدم نحو 2000 وجبة يوميًا على ثلاث موائد مختلفة، وتستقبل الجميع من مختلف الأديان والأعمار.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى